رفع مستوطنون الأعلام الإسرائيلية داخل المسجد الأقصى ومحيطه، وأدوا رقصات علنية في باحاته
مع أن كل الشروط الموضوعية والإجرائية، التي تسمح بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، ظلت متوفرة، إلا أن كل المحاولات التي بذلت لإدراج الحوثي ضمن القائمة؛ الأمريكية أو الأوربية، للمنظمات الإرهابية، أصيبت بالفشل الذريع.
لا ترجع أسباب الفشل إلى عدم وجود قناعة لدى الفاعلين الإقليمين أو الدوليين، بأن الحوثي لا تنطبق عليه المعايير الدولية لوضعه ضمن الجماعات الإرهابية، بل على العكس من ذلك، فجماعة الحوثي تتسم بكل تلك المعايير، إلا أن الأمر له علاقة بعدم جدية الفاعلين في الشأن اليمني في تصنيفها.
فالمجتمع الدولي ومنظماته الإنسانية والبحثية والأمنية، عندما تشير إلى أعمال الحوثي تلصق كلمة "الإرهابية أو ما شابهها" بتلك الأعمال، لكنها عندما تتحدث عنه ككيان، تضيف كلمة المتمردين، والأخيرة لها مدلول سياسي، والجهات الدولية الرسمية، عندما تبرر صعوبة وصف جماعة الحوثي بالإرهابية، تقول إن الأمر له علاقة بالوضع الإنساني، وليس لأن المعايير لا تنطبق عليها.
بمعنى أوضح، الحوثي؛ بنظر المجتمع الدولي ارهابيا، لكن تصنيفه رسميا، يسبب الضرر بالجهود الإنسانية الأممية، ومع أنه قد يكون لهذا التبرير أسباب وجيهة، إلا أن وراءه عوامل أخرى مرتبطة بالصفقات الدولية، التي تتخفى خلف منح الفرص للتسويات السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والرامية لإقناع الحوثي بالانخراط في عملية المفاوضات.
يسعى المجتمع الدولي، لإبقاء الحوثي فاعلا في المشهد اليمني، ويمارس عليه سياسة الضغوطات ليكون جزءا من نظام الحكم في اليمن، وقدمت له العديد من التنازلات على مر السنوات السابقة، مقابل تغيير بوصلة ولائه نحو الرياض، والأخيرة تشترك مع الجهات الدولية في نفس الرغبة، مع الفارق في الأهداف.
يمكن العودة إلى التقرير الأخير لمجموعة الأزمات الدولية؛ وهي مجموعة بحثية أمنية أمريكية، سنجد الرغبة الأمريكية الواضحة في التثبت بأمل إقناع الحوثي للمشاركة في المفاوضات، ولو بعد حين، فالمجموعة أوصت في تقريرها بضرورة إعطاء المزيد من الحوافز الواقعية للحوثي، لجذبه لعملية التفاوض.
وقد أظهرت مجموعة الأزمات تفاؤلها بإمكانية تراجع الحوثي عن تصلبه، بناء على زوال العقبة الكبرى التي كانت تقف أمامه، وهي شرعية الرئيس هادي، وبما أن تلك العقبة قد تمت إزاحتها من قبل السعودية، فإن فرص انضمام الحوثي للمفاوضات؛ أضحت ممكنة، لأن الحوثيين يرغبون بالتفاوض المباشر مع المملكة.
ما أرادت المجموعة الأمريكية قوله، إن رغبة الحوثيين بالتفاوض مع الرياض، أضحت متاحة، لأن النفوذ السعودي على المجلس الرئاسي الجديد لليمن، فاعلا وقويا، حتى أن هذا المجلس قد حددت له مسبقا، مهمة التفاوض مع الحوثيين بصفتهم السياسية وليس المليشاوية.
نحن أمام مشهد عدمي قادم، في التعامل مع مليشيا الحوثي، أضحت معركة اليمنيين معها ضمن نطاق "السيادة السعودية"، بمعنى آخر هي مؤجلة، حتى تحقق شرطيين: الاول؛ سعودي يتمثل بترتيب الوضع الداخلي للمناطق التي تقع تحت نطاق المجلس الرئاسي، بما يتوافق ورغبة المملكة في خلق نواة لنظام يمني جديد، موثوق به من قبل الديوان الملكي السعودي.
والشرط الثاني؛ سعودي وأمريكي، مرتبط بتقديم التنازلات الحوثي وممارسة الضغوط عليه؛ في آن واحد، بهدف انخراطه في عملية مفاوضات يمنية-يمنية، على أمل مشاركته في حكم اليمن بصيغة توافقية. وحتى ذلك الوقت على اليمن أن تنتظر على رصيف المزاج السعودي، أو تغير القناعة الدولية تجاه الحوثيين.