The Yemen Logo

مدينة تعز.. بين حصار العدو ومطاردة الشقيق وتآمر الحليف

مدينة تعز.. بين حصار العدو ومطاردة الشقيق وتآمر الحليف

وحدة التقارير - 19:14 16/03/2023

زار طارق صالح مطلع الشهر الجاري مدينة تعز، للمرة الأولى منذ ثورة الـ11 من فبراير2011م، ، بعد أن أصبح مسؤولاً رفيعاً في الشرعية منذ أبريل 2022 عقب إعلان المجلس الرئاسي المنبثق من مشاورات الرياض.

ورغم ما كان من طارق صالح في الماضي، ومناصرته للحوثيين ضد تعز؛ فقد وجد في هذه الزيارة تحريكا لقضايا تعز الكبيرة وملفاتها الساخنة.

وجاءت زيارة طارق لمدينة تعز في ظل وضع مأساوي تعيشه المحافظة منذ ثمان سنوات بفعل الاحتراب الداخلي بين مختلف الفصائل والمكونات  المحسوبة على الشرعية، والتي تغذيها أطراف تتعارض مصالحها مع مصالح ابناء المحافظة وقضية الخدمات: كالمطار والميناء ومحطة الكهرباء والطرقات والمياه والصحة والتعليم وغيرها، وعن دور التحالف في كل ما يحصل في تعز، بالإضافة إلى ما تفرضه مليشيا الحوثي من حصار جائر على المحافظة تسبب بتعطيل مصالح المواطنين وإغلاق جميع المعابر.

خصوصية الموقع

ما إن سيطرت جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء  في سبتمبر 2014 حتى وجهت أنظارها فورا صوب مدينة تعز، لما لها من دور ريادي، في محاولة للسيطرة عليها وضمها الى مناطق سيطرتها، وذلك بالنظر إلى موقعها الجغرافي، الذي يعد الأكثر حساسية وتأثيرًا في اليمن.  

في مارس 2015، اجتاحت مليشيات الحوثي مدينة تعز، وعملت على نقل معركتها إلى هذه المحافظة التي تقع على مضيق باب المندب، بهدف السيطرة عليها والحصول من خلالها على إطلالة بحرية واسعة واستراتيجية للاتصال بالقرن الإفريقي، ويتحكم بحركة التجارة العالمية.  

وتمتاز سواحل تعز بقربها الشديد من خط الملاحة الدولي، والهدوء النسبي للأمواج والذي يفتقر إليه ساحل بحر العرب، بالإضافة لعدة عوامل طبيعية وجغرافية تسهل عملية إنشاء الموانئ في سواحل تعز، وجعلها محل أطماع للكثيرين، وفقا للمهندس والخبير في عمل الموانئ الاستاذ برهان الجبزي.

وقال برهان إن "الشركات العالمية المستثمرة لأموال فلكية في البنية التحتية لدبي التي تدرك انها لن تستعيد اموالها ان تحول الاستثمار الى شركات اخرى في السواحل اليمنية ولذلك تدعم الامارات الاضطرابات  في السواحل اليمنية وتقويض اي مشروع وطني بجزء من الاموال المستثمرة في دبي خير لها من ان تخسر الاستثمارات الضخمة فجأة وتعمل لتنفير الشركات العالمية الناشئة في الصين وحتى في دبي ذاتها".

حصار مزدوج

منذ مارس 2015، تشهد تعز مواجهات عسكرية دامية بسبب مليشيات الحوثي، والتي أدت لأضرار وخسائر باهظة وفرض حصار جائر على أبناء المحافظة من كافة الاتجاهات والتضييق عليهم في التنقلات الداخلية في إطار المحافظة أو بينها وبين المحافظات المجاورة، وكذا حركة النقل الخارجية حيث أصبحت التنقلات مثقلة بصعوبات بالغة تنهك المواطنين وتكلفهم الكثير من المال والجهد والوقت، ويعرض السكان لخسائر بشرية ومادية باهظة تصاعدت بموجبها الاصوات الحقوقية والشعبية المطالبة بتحرير المدينة وفك الحصار عنها، لكن تلك الاصوات لم تلاقِ أي استجابة من قبل التحالف والحكومة والأمم المتحدة.

ومع تدخل التحالف في اليمن دخلت الحرب -في تعز خصوصا- مرحلة جديدة من الصراع  تعارضت فيه الأهداف غير المعلنة للتحالف مع أهداف المقاومة؛ حيث وجدت بعض دول التحالف في ذلك مبررا لتحقيق اهدافها في المدينة ذات الموقع الحيوي والاستراتيجي في الخارطة اليمنية حيث أعاقت مسيرة التحرير بتفريغ المقاومة، وإنشاء وتمويل ألوية عسكرية متشددة، موالية للإمارات وتخضع لتوجيهاتها، مما أحدث فتنة داخلية بين المكونات العسكرية والشعبية وصلت في عدة مواقف الى حد القتال فيما بينها.

من جانب آخر، عملت الإمارات على التحريض على أبناء تعز في المناطق الجنوبية وطردهم من أعمالهم ومساكنهم وتهميشهم تحت شعارات مناطقية.

يقول السياسي والباحث فهد سلطان إنه "من الظلم والمجافاة للحقيقة القول إن مليشيات الحوثي فقط هي من تحاصر تعز فحصار تعز ليس من جهة واحدة، والمتمثل بالحوثي؛ فتعز محاصرة من عدة جهات وفيه مصلحة لأكثر من طرف ولأكثر من جهة، وبقاؤها بهذا الحال يحقق مصالح هذه الاطراف".

حسابات تحول دون تحرير تعز

ما إن تدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن حتى انقسمت المحافظة إلى جزئين: أحدهما تحت سيطرة السلطة الشرعية والآخر تحت سيطرة سلطة الحوثيين. ومع كل ذلك برزت العديد من المحاولات لفك الحصار عن المحافظة، وجميعها باءت بالفشل بفعل تعنت جماعة الحوثي من طرف وحسابات سياسية لدى التحالف من طرف.

ويشير فهد سلطان في حديثه لـ"اليمن نت" إلى أن "تعز تعد البوابة الجنوبية نحو الشمال والمنطلق نحو تحرير العاصمة صنعاء، وهي أكبر المحافظات من حيث عدد السكان، وبالتالي تمنع أي محاولة لانفصال اليمن، حيث أن السيطرة عليها سيوحد اليمن، لكن تعارض المصالح داخلها حال دون تحريرها".

وأوضح سلطان: "الحوثي مصلحته في جني الجبايات والضرائب على مداخل تعز بينما بعض دول التحالف مصلحتهم تتمثل  في السيطرة على السواحل والموانئ ، وكل طرف أمّن مصلحته، أمّا مصلحة الناس فلا أحد يهمه أمرهم. وهكذا تكالب على المدينة أكثر من طرف؛ فظلت بدون تحرير".

 وأضاف: "عمل التحالف على تعطيل بنية الجيش الوطني في تعز وقامت الامارات والسعودية باستقطاب عناصر من الجيش إلى الساحل الغربي أو للحدود معها وتحت إشرافها المباشر، وتم تفريغ المدينة من أي مقاومة في محاولة لتدمير بنية الجيش  في تعز واضعاف المقاومة؛ لدفع القرار في تعز للتحالف بشكل كامل"، مشيراً إلى أنه عندما حاولت بعض وحدات اللواء 35 فك الحصار عن المدينة في 2016 هددتها الإمارات بقصفها.

وتابع سلطان:  تعز هي الترمومتر أو العمود الفقري لليمن كاملاً، وبتعطيلها ستتمكن المشاريع الصغيرة (سواء الحوثيون في الشمال او الانتقالي في الجنوب) من تحقيق أطماعها. مؤكداً بأن تعز هي من أفشلت المشروع العائلي، ومن أفشلت المشروع السلالي وتعثر أمامها، ووقفت الآن أمام مشروع التقسيم والتجزئة.

حسابات متعددة

ويوافقه في ذلك الخبير العسكري والمسؤول السابق في الجيش الوطني محسن خصروف، والذي بدوره أشار إلى حسابات الاطراف المختلفة  في تحرير تعز. حيث قال في حديثه لـ"اليمن نت" إن عدم تحرير تعز يعود إلى  دخول الألاعيب السياسية  والمصالح والتوجهات السياسية عليها، والتي بدورها أثرت على مسار العمليات العسكرية؛ كون حسم أمر تعز ينهي طموح الجماعات التي تطمح للانفصال أو لإعادة الحكم السلالي.

وأضاف: "كنت أتمنى أن تعمل دول التحالف وأصدقاء اليمن على تحرير تعز أولاً، فلو أن المقاومة حصلت على السلاح النوعي والكافي واللازم لكان قد أمكنها  تحريرها، ومن تعز سيتم الانطلاق الى المخا وباب المندب والحديدة وصنعاء، وسيكون الحضن الآمن والضمان لأمن لحج والضالع وعدن، لكن هذا لم يحصل حتى الآن للأسف".

وتابع خصروف: "في 2016 وصلت قوات الجيش في تعز الى مكان معين وأوقفت من قبل التحالف، ولا أريد الدخول في التفاصيل أو في صراعات جانبية، لكن هناك أسباب سياسية ذاتية وخلافات داخلية هي من فرضت هذا النوع من الظرف غير العسكري وغير السليم".

وأشار خصروف تعز بثقلها الجغرافي والسكاني والتاريخي تعد البوابة الكبرى للانتصار وبوابة اليمن بأكملها.

مصادرة القرار الوطني

وعن دور الحكومة اليمنية فيما يحصل في تعز يقول سلطان إن "الحكومة مصادرة القرار، ولم تعد تملك قرارها بشكل كامل حتى أصبح تنفذ توجيهات التحالف يتحكم بقرار اليمن، حيث لم تتخذ الحكومة أي خطوة أو قرار إلا بموافقة من التحالف، ومن يخالف يتم إقالته أو تهميشه".

وأضاف سلطان: التحالف هو من يمسك بملف تعز ويوجهه كيفما يشاء والحكومة هي من تنفذ التوجيهات لا أكثر.

واختتم سلطان حديثه بالتأكيد على أن "تعز هي البوابة الكبرى للانتصار، وهي بوابة اليمن بأكملها، ومهما حاولوا جعل هذه الابواب مغلقة ومحاصرة إلا أنه سيأتي يوم وتكسر هذه الأبواب، ويفك الحصار عن المدينة، وهذا هو قدر تعز، فهي المدينة  التي تكسر على أسوارها كل المشاريع الضيقة، وستبقى تعز نعم المدينة".

انشر الخبر :

اخر الأخبار

يؤكد فريق البحث أن هذه الدراسة تظهر بالدلائل العلمية للمرة الأولى الآليات البيولوجية التي "تثبت قدرات الزنجبيل في علاج الالتهابات لدى بعض المرضى".

يأتي الاستطلاع وسط تقارير تفيد بأن المسؤولين الأمريكيين والسعوديين يناقشون تفاصيل اتفاقية الدفاع المشترك

أطاحت جماعة الحوثي المسلحة، اليوم الأربعاء، بحكومة عبد العزيز بن حبتور غير المعترف بها دوليا ضمن "التغيير الجذري" لزعيم الجماعة.

البحرين، المجاورة للسعودية، عضو في التحالف العسكري الذي تقوده الرياض منذ عام 2015 دعماً للحكومة اليمنية ضدّ المتمرّدين الحوثيين المدعومين من إيران.

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram