في ليلة الذكرى الـ 61 لثورة 26 سبتمبر شعر الحوثيون بالرعب بعد الخروج الكبير للمواطنين للاحتفال
تتوسع دائرة الخلافات بين السعودية والإمارات في اليمن وهذه المرة بدت أكثر وضوحاً بالتزامن مع انعقاد مجلس النواب وما سبقه من ترتيبات خلال الأشهر الماضية، وكانت هذه المرة ساحة الخلافات محافظة حضرموت (شرق اليمن)، حيث تتقاسم الدولتان المحافظة في النفوذ وهو ما يؤثر بشكل سلبي على مسار مساندة الحكومة الشرعية لاستعادة الدولة.
وتمثل محافظة حضرموت ما نسبته 35 بالمائة من مساحة اليمن، وتوجد فيها 30 مديرية وتوجد فيها منطقتين عسكريتين (الأولى، والثانية) من أصل سبع في كل المحافظات اليمنية، وتتوزع الأولى في مديريات الوادي ومركزها مدينة "سيئون"، والثانية في مديريات الساحل ومركزها في مدينة "المكلا" والتي تعد عاصمة المحافظة ايضاً، وتعد ضمن سيطرة قوات الحكومة الشرعية.
عقب هزيمة تنظيم القاعدة من قبل قوات الجيش الوطني بمساندة التحالف، بدأت الإمارات توسيع نفوذها في مديريات الساحل من خلال انشاء قوات عسكرية باسم "النخبة الحضرمية" وأغلقت المطارات وحولتها إلى سجون سرية – بحسب ما كشفت وكالة "أسوشيتد برس"- في المقابل وسعت السعودية نفوذها في مديريات الوادي خلال العاميين الماضيين، وبدا التنافس لافتاً بين الدولتين.
حاربت الإمارات عبر الموالين لها في المجلس الانتقالي انعقاد مجلس النواب والذي كان من المفترض أن يعقد في العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، لكن النفوذ الأمني والسيطرة منع ذلك كلياً، في الوقت الذي لم تتدخل الرياض من أجل الضغط على أبو ظبي -باعتبارها ن تقود التحالف العربي- ، لكنها ذهبت بعيداً للبحث عن حلول أخرى فتوجهت نحو حضرموت.
وبما ان المكلا عاصمة المحافظة، لا تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية بشكل كلي حيث يتوسع النفوذ الإماراتي وتتوزع ما يطلق عليها "قوات النخبة" الانفصالية التابعة للإمارات على مرافقها والتي تناهض الحكومة، فكان خيار السعودية عقد جلسة مجلس النواب في "سيئون" باعتبارها مكان نفوذ للسعودية ولا يوجد فيها أي نفوذ لقوات تابعة لـ "أبو ظبي".
وقالت مصادر مطلعة لـ "اليمن نت" ان السعودية أصرت على أن تكون الجلسة بعيداً عن مناطق نفوذ الانفصاليين الذين تدعمهم الإمارات، وأرادت بذلك إيصال رسالة غير مباشرة أنها قادرة على إنجاز تطلعاتها ومقترحاتها بعيداً عن مساندة "أبو ظبي".
وأفادت المصادر "ان الرياض قدمت دعم كلي لعقد البرلمان وسيرت موكب من المركبات تقل مسؤولين وبرفقتهم حماية عسكرية وطائرة في الجو، من السعودية إلى حضرموت مروراً بالمكلا في رسالة استعراض امام القوات الموالية للإمارات في المكلا، وكانت رسالة مقصودة في الوقت الذي نُقل معظم النواب والمسؤولين عبر الطيران".
وفي كلمته السبت في الجلسة الافتتاحية بمجلس النواب تجاهل الرئيس عبد ربه منصور هادي ذكر دولة الإمارات بشكل كلي، وشكر السعودية فقط على دعمها للحكومة الشرعية، في رسالة واضحة إلى العراقيل التي تضعها "أبو ظبي" أمام الحكومة لممارسة مهامها ومناهضة بسط نفوذ الدولة.
وتجاهل الرئيس هادي للإمارات يعد تعبيراً عن حالة عدم الرضى من الممارسات الفجة في المحافظات الجنوبية، وكانت هذه المرة الرسالة من حضرموت، حيث تتعرض مؤسسات الدولة في "ساحل حضرموت" للاجتثاث من قوات النخبة الحضرمية المدعومة من الإمارات، والتي تعتقل المواطنين من دون علم الجهات المختصة، وانشأت سجون زجت فيها بالعشرات بتهم كيدية.
ويرى كثير من أبناء حضرموت "أن الإمارات تعمل على تعطيل المصالح العامة، كإغلاق البحر أمام صيادي منطقة شحير بمدينة غيل باوزير، وقطع طريق توصل بين مدينتي المكلا والشحر عقب تحويل ميناء الضبة النفطي إلى منطقة عسكرية مغلقة لـ "أبو ظبي" بالإضافة إلى تعطيل مطار الريان الدولي وحولته إلى سجن ومقر لقواتها.
سعت "أبو ظبي" إلى عرقلة انعقاد مجلس النواب بكل الطرق ولم تكتفي بالدفع بالقوات والأطراف الجنوبية الانفصالية للتهديد في أكثر من منبر إعلامي منذ نهاية العام الماضي 2018، وقبل يومين من انعقاد المجلس في سيئون، أسقطت الدفاعات الجوية طائرة مُسيرة كانت تستهدف المدينة، حيث نفى الحوثيون مسؤوليتهم عنها. في الوقت الذي توجه الاتهامات للقوات التابعة للإمارات.
وامتنع النواب الذين تم استقطابهم من قبل الإمارات والذين يصنفون من ضمن جناح حزب المؤتمر التابع لـ "أبو ظبي" والذين هم منقسمين بين قيادات في المجلس الانتقالي الانفصالي، ونواب عن حزب المؤتمر انضموا مؤخرا للعمل لصالح الامارات عقب مقتل صالح على يد الحوثيين في ديسمبر 2017.
وبالتزامن مع انعقاد "مجلس النواب" في سيئون كان أنصار حزب المؤتمر يحتشدون في مظاهرة بمدينة تعز (وسط اليمن) ضمن محاولات الموالون للإمارات العمل على تجاهل الحدث السياسي الأهم في مسار الحرب ضد الحوثيين، والذي يعزز حضور الدولة في المحافظات المحررة.
وضمن حالة الحرب ضد "مجلس النواب" من قبل الإمارات أطلقت عدد من الكتاب الصحفيين الموالين لها، حيث وصف الصحفي "نبيل الصوفي" - الذي كان مقرب من الرئيس السابق صالح حتى قبل مقتله – النواب الذين حضروا الى مجلس النواب انه حلف 94 (في إشارة الحرب التي أعقبت الوحدة اليمنية)، ويأتي حديثه في سياق استعطاف الجنوبيين الانفصاليين حيث يجتمعون مع بعض في تبعيتهم للإمارات.
واتهم الصوفي في سلسلة تغريدات بحسابه على موقع "تويتر" السعودية بدعم الإخوان في اليمن وأنها تدفع وحلفائها اثمان باهظة ثم تحتار بالنتائج السلبية مضيفاً "هكذا فعلت في سوريا وهكذا فعلت بليبيا وهكذا تفعل اليوم في اليمن".
وتابع في معرض هجومه "إذا سلطان البركاني (رئيس مجلس النواب والقيادي المؤتمر) انضم رسميا للإصلاح، من تحت الباتريوت السعودي وبالمال السعودي يقول انه لن يقبل انتقاص السيادة اليمنية.
ويرى الصحفي أمين بارفيد "أن الخلاف السعودي الإماراتي في اليمن هذا قد يتطور الى صراع ينتهي بفض عقد التحالف العربي الذي لم تتبقى فيه سوى الدولتين اللتين تعملا على تحقيق اجنداتهما تحت يافطتي".
وأضاف في حديث لـ "اليمن نت" أن هذا الخلاف تجلى في المناطقة الشرقية حضرموت والمهرة وعلى النفوذ الحصري، حيث ترفض السعودية من بداية الحرب أي تمدد للمليشيا التابعة للإمارات في مناطق الصحراء الشرقية الشمالية من اقصى المهرة الى صعدة مرورا بوادي حضرموت ومأرب والجوف كلها مناطق خاضعة اما للجيش الوطني او قوات مقاومة تدعمها السعودي.
وأشار بارفيد "رغم محاولة الامارات اختراق هذه المناطق الا ان السعودية نجحت في عرقلة تشكيل نخبة مهرية كما استبقت محاولات تمدد النخبة الحضرمية المدعومة من الامارات الى الوادي بتشكيل كتيبة الحضارم ضمن قوات المنطقة العسكرية الأولى".
وتابع "وبدأت الصورة أوضح في تفرد القوات السعودية الى جانب قوات الجيش الوطني بحماية وتأمين مدينة سيئون وانعقاد جلسات البرلمان" رغم رفض الإمارات لفكرة انعقاد مجلس النواب وتوجيه وسائل الإعلام التابعة لها والناشطين والصحفيين في مهاجمة النواب والحكومة الشرعية.