طالب عدد من الصحفيين والناشطين اليمنيين، اليوم الجمعة، بتقديم جميع منتهكي الصحافة اليمن إلى المحاكمة، وعلى رأسهم. . .
الكاتب.. توماس سادوسكي هو سفير المؤسس لمنظمة أطفال الحرب، في سي إن إن
"لقد ولدنا أموات" عبارة كُتبت باللغة الإنجليزية على جدار مقابل ساتر مصنوع من الأسلاك الشائكة لمجمع الأمم المتحدة في شمال اليمن. تلخص العبارة معاناة حرب الأجيال. إنه نداء من المتروكين والمهملين.
عدت مؤخرا، من خلال مشاركتي مع منظمة أطفال الحرب الإنسانية (War Child USA)، من الروافد الشمالية لمناطق الحوثيين في اليمن. وصلت إلى هناك على الرغم من أنه يكاد يكون مستحيلا بالنسبة للأمريكيين (وخاصة الصحفيين) فقد استغرق الأمر شهورا من المفاوضات المشحونة. ولذلك ليس مستغرباً، حيث يمكن العثور بسهولة على بصمات الأصابع الأمريكية في هذه الأزمة. إذ كان الدعم العسكري الأمريكي للمملكة العربية السعودية، وهي لاعب أساسي في الصراع، ثابتا منذ بدايته قبل سبع سنوات.
وخلال تلك الفترة، حاول التحالف الذي تقوده السعودية دون نجاح يذكر سحق التمرد الحوثي المدعوم من إيران في صراع مليء بجرائم الحرب المحتملة. وكانت آثار الحرب مدمرة.
اليمن، الذي أعلنته الأمم المتحدة "أسوأ أزمة إنسانية في العالم"، يوصف أحيانا بأنه "حرب بالوكالة". الأمر ليس كذلك فقط، إذ أن ما يحدث هو عمل من أعمال الاعتلال الاجتماعي الجيوسياسي الذي يقايض معاناة غير المفهومة للأرواح البريئة بمخاوف الإزعاج العسكري للمنافسين الإقليميين والعالميين. لا يجب أن يكون الأمر على هذا النحو، فهناك الكثير الذي يجب تغييره وتغييره على الفور.
يصنف مؤشر الجوع العالمي حاليا اليمن على أنه الأسوأ في العالم من حيث مستوى الجوع. حيث يعاني ملايين الأطفال اليمنيين- في بعض المناطق بنسبة تصل إلى 95٪ وفقا للأطباء في تلك المناطق التي تحدثت إليها- من سوء التغذية الحاد.
جعلني النمو البدني المتوقف الناتج عن سوء التغذية مقتنعا بأنني كنت في فصل دراسي في رياض الأطفال، بينما كنت في الواقع ألتقي بأطفال تتراوح أعمارهم بين ثماني وتسع سنوات. وهؤلاء الأطفال كانوا، كما قال أحد الزملاء بعصبية، "المحظوظين". إذ أن أكثر من 2 مليون طفل يمني غير ملتحقين بالمدارس، مع وجود عدد كبير جدا منهم تلوح أمامهم يومياً شبح تجنيد الأطفال.
في كل مكان يوجد وجع المجاعة النهائية - التي تشمل آثارها الكابوسية عدم القدرة على تنظيم درجة حرارة الجسم، وإنتاج الدموع عند البكاء ثم الانحدار النهائي إلى الموت المروع الهزيل والخامل. كل ما رأيته، والذي يتحمله اليمنيون يوميا: حياة الأطفال التي قضى عليها الإهمال الذي أقره العالم.
يعتمد أكثر من ثلثي سكان اليمن (أي ما يعادل حوالي 21.6 مليون شخص) على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، ويمكن أن تكون هذه المساعدات شحيحة. وتعيش الغالبية العظمى خارج مراكز المدن والقرارات التي تدمي القلب التي تتخذها المنظمات غير الحكومية كل يوم والتي تترك الأرواح لإنقاذها في بيئة معدومة من الموارد، بل تتركها دون مراقبة ومعرفة بأوضاعها. كما أن فرض قيود غير معقولة على النساء (السفر بمحرم في مناطق الحوثيين)، والتي تمنعهن من السفر إلى أي مكان دون أحد أفراد الأسرة الذكور، يزيد من القيود والحط من قدرهن.
ومن الواضح أنه ينبغي عمل المزيد. ويمكن عمل المزيد. لكن هل سنفعل؟
في عام 2022، التزمت الولايات المتحدة بمبلغ 1 مليار دولار للإغاثة الإنسانية في اليمن. وينبغي أن يكون الحفاظ على هذا المستوى نظرا لتدهور الحالة مجرد إجراء شكلي.
ومع ذلك، بعد قضاء الأسبوع الماضي في واشنطن مع أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ بشأن هذه الأزمة، من الواضح أن الحسابات السياسية والمالية تزدهر عندما تكون التغطية الإعلامية عابرة، ويكون الغضب بسيطاً. وكما عرض أحد أعضاء مجلس الشيوخ بشكل عقيم خلال اجتماعنا: "هذا كثير من المال". الكثير!، في الواقع وبناء على ذلك، فإن محاولة وصف ما يقرب من 110 مليارات دولار تعهدت بها الولايات المتحدة لأوكرانيا في العام الماضي تدفع المرء إلى البحث عن قاموس للمرادفات في الحالتين.
إن التناقض الشاسع هو موضوع معقول للمناقشة الصريحة- خاصة بالنظر إلى مشاركتنا العسكرية- حتى بشكل عرضي في المعاناة الهائلة لنساء اليمن وأطفاله. تقدم المساعدات الوسيلة الوحيدة لضمان ألا تصبح هذه الكارثة فشلا شاملا للبشرية.
هل نعتبر ذلك فشلاً شاملاً للبشرية أليس ذلك مبالغاً فيه؟ ليس صحيحاً، لا يوجد مصطلح مناسب للسماح لملايين الأطفال بالمعاناة من الرعب المطول لسوء التغذية الحاد حتى تأخذهم حالة الموت بسبب المجاعة التي لا رجعة فيها. إن الوقوف بقسوة ومشاهدة الإهانة المجمعة على فساد مكدس في العذاب هو أمر غير إنساني على الإطلاق.
ومع ذلك، فإن العجلات تتحرك بثبات لتحقيق هذه النتيجة، حيث أن المساعدات العالمية لليمن في انخفاض مذهل. أعلن الوزير بلينكن يوم الاثنين، مع الافتقار المؤسف للسياق، أن الحكومة الأمريكية تخفض مساهمة هذا العام في نداء الأمم المتحدة لليمن بنسبة 25٪ تقريبا - بالإضافة إلى ذلك، أخبرتني مصادر متعددة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن تخفيضاتها للمساعدات لليمن في عام 2023 قد تصل إلى ما يقرب من 40٪، مع مزيد من التخفيضات المخطط لها في عام 2024.
هذا ليس ضارا سياسيا، لكن الأزمة المتفاقمة تقوض مصالحنا الوطنية. لا تزال الجماعات الإرهابية نشطة في اليمن، بما في ذلك الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة وداعش. لقد أُزهقت أرواح الآلاف من الأمريكيين في السعي للقضاء عليها عالميا، وهناك المزيد من الأشخاص المعرضين للخطر على الأرض في اليمن اليوم.
إن تصاعد اليأس المدني في البلدان التي مزقتها الحرب مثل اليمن سيعزز جهود التجنيد التي تبذلها هذه الجماعات الإرهابية، على عكس أهداف السلام والأمن التي تقوم بها الولايات المتحدة. ومع وجود إيران في الصراع، فهناك نظام يفهم جيدا القيمة الدعائية لللامبالاة الغربية.
اليمن، كصراع سياسي، معقد وغادر. والمأساة الإنسانية صعبة أيضا، ولكنها أقل صعوبة. هناك مسار واحد واضح بلا شك: قلة التمويل وضعف الجهود والتأثير هو حكم بالإعدام على الأطفال. لقد شهدت الشجاعة الهائلة داخل المجتمع المدني اليمني، وخاصة بين النساء اللواتي يمثلن ضمير البلاد. لقد شاركوا قصصهم سرا، على أمل أن يتردد صدى رسالتهم خارج الحدود.
ما تبقى هو هذا، الذي قدمته امرأة يمنية وطبيبة طلبت عدم الكشف عن اسمها حفاظا على سلامتها: "نحن نقاتل من أجل البقاء من الصباح حتى الليل. نحن نقاتل 24 ساعة في اليوم، حتى في أحلامنا". لذلك نرجو أن نستيقظ جميعا في الوقت المناسب.
توماس سادوسكي هو السفير المؤسس لمنظمة War Child USA، وهي مؤسسة خيرية تدعم الأطفال والأسر في مناطق النزاع في جميع أنحاء العالم. إنه ممثل مسرحي وسينمائي وتلفزيوني، من بين ظهوراته العديدة سلسلة "غرفة الأخبار" (The Newsroom) على HBO. ومسلسل "الحياة في قطع" (Life in Pieces) على CBS.
المصدر الرئيس
Opinion: Too hungry to weep. The tragedy of Yemen’s starving children
طالب عدد من الصحفيين والناشطين اليمنيين، اليوم الجمعة، بتقديم جميع منتهكي الصحافة اليمن إلى المحاكمة، وعلى رأسهم. . .
دانت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي بحق الطائفة البهائية في العاصمة صنعاء، وتهدبد. . .