The Yemen Logo

عام 2022.. هدنة أممية هشة تفتح شهية الحوثيين ولا مكاسب للشرعية

عام 2022.. هدنة أممية هشة تفتح شهية الحوثيين ولا مكاسب للشرعية

اليمن نت - 17:15 26/12/2022

استبشر اليمنيون خيراً بعد إعلان مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ عن اتفاق طرفي الحرب في اليمن على هدنة لمدة شهرين، بدأت من يوم السبت 2 أبريل 2022، ويمكن تجديدها لاحقًا بعد انتهاء الشهرين بموافقة الأطراف، تشمل وقف جميع العمليات العسكرية داخل اليمن وعبر الحدود، ومن أجل خفض التصعيد ومعالجة الأوضاع الاقتصادية والإنسانية التي دمرتها الحرب منذ سنوات.

وحمل أبريل من عام 2022، الذي تزامن مع حلول شهر رمضان، ملمحاً نسبيًّا يعيد بصيص الأمل لليمنيين الذين لم يعودوا يأبهون بما يجري من أحداث وصراع طاحن، بسبب صراعهم الشديد مع لقمة العيش التي أصبح الحصول عليها بمثابة مهمة شاقة ومضنية أرهقت الكثير، وباتوا يأملون بحل سريع يلامس بؤس حياتهم القاتمة التي تسببت بها أطراف الحرب الدائرة في اليمن.

وخلَّف الصراع المستمر ندوباً مسّت كل جانب من جوانب الحياة للمواطن اليمني، يمكن تمييزها في الأسواق والطرق والمدارس والمحاكم والمشافي والبيوت، وأزمة تطال نحو 21 مليون شخص بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية والإغاثية العاجلة حسب تقارير الامم المتحدة.

وتوالت كثير من الأحداث بعد إعلان الهدنة الإنسانية، وبروز العديد من التطورات خلال الفترة الماضية.

ففي 11 من أبريل، وصل المبعوث الأممي إلى العاصمة صنعاء، حيث التقى عدداً من المسؤولين في جماعة الحوثي، وبعد ثلاثة أيام غادر صنعاء. ومن مطار صنعاء بشر بأن العمل جارٍ على قدم وساق لفتحه، وانطلاق أول رحلة  تجارية منذ ست سنوات، وكذلك التحضير والمشاورات من أجل عقد اللقاء للتوافق على فتح الطرق في تعز، وغيرها من المحافظات على حدود التماس في جبهات القتال.

وفي 16 مايو 2022 أزالت رحلة طيران اليمنية رقم (648) المتجهة إلى العاصمة الأردنية عمان وعلى متنها 130 مسافراً من اليمنيين، الغبار عن مطار صنعاء الدولي المهجور منذ ست سنوات والذي عاد للعمل مرة أخرى، بحسب اتفاقية الهدنة.

بعدها هنّأ غروندبرغ جميع اليمنيين على هذه الخطوة المهمة التي طال انتظارها، والتي أمّل أن توفر بعض الراحة لليمنيين الذين يحتاجون إلى العلاج الطبي في الخارج، أو الذين يسعون إلى فرص التعليم والعمل، أو لمّ الشمل مع أحبائهم, وصرح أن هذا هو وقت التضافر وبذل المزيد من الجهد للبدء في إصلاح ما كسرته الحرب.

من مسارات الهدنة

وفي الثالث من يوليو، أعلن مكتب المبعوث الأممي عن مقترح معدّل حول فتح الطرق على مراحل، بعد جولات أوليّة من المفاوضات في العاصمة الأردنية عمّان ونقاشات ثنائية لاحقة, بحسب المقترح  تشمل المرحلة الأولى أربعة طرق في تعز، تضمّ طريقًا اقترحه المجتمع المدني، والذي سيساعد في التخفيف من معاناة المدنيين ويجب فتحه على الفور، في حين تضمّ المرحلة الثانية التزاماً من الأطراف بفتح طرق رئيسية في تعز ومحافظات أخرى، بما فيها مأرب، البيضاء، والجوف، والحُديدة، والضالع.

 وبعد يومين من إعلان المبعوث الأممي المقترح المعدل، أعلن ما يسمى بضباط الارتباط الممثلين للأطراف في لجنة التنسيق العسكري، موافقتهم على تثبيت الهدنة الحالية في اليمن من خلال تجديد التزامهم بوقف جميع العمليات العسكرية الهجومية البرية والجوية والبحرية داخل اليمن وخارجه، وتجميد الأنشطة العسكرية في الجبهات.

وفي 8 يوليو أعلنت جماعة الحوثي عن قرار أحادي بفتح طريق ترابي غير معبد "الستين – الخمسين"، لمدينة تعز، ورفضت الحكومة الشرعية تلك الخطوة واعتبرتها تهربا من جماعة الحوثي من التزاماتها تجاه رفع الحصار عن مدينة تعز.

وفقاً للحكومة الشرعية، فقد أظهر الحوثيون تعنُّتا غيرَ مفهوم أمام فتح الطرقات الرئيسية إلى مدينة تعز، دون إبداء أي أسباب، واختارت أن تفتح طرقات تخدمها للأغراض العسكرية في المستقبل، كما هو الحال في التركيز على طريق الدفاع الجوي أو طرق وعرة وغير مؤهلة لمرور الشاحنات التجارية ووسائل النقل العامة والخاصة، ممّا يجعلها طرقًا غير مجدية في فكّ الحصار عن مدينة تعز.

وفي منتصف شهر يوليو، أكّد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، أنه يكثف من اتصالاته مع الأطراف اليمنية لدعم تنفيذ جميع بنود الهدنة المتفق عليها واستكشاف الفرص لتوسيع نطاقها وتمديدها لما بعد الثاني من أغسطس. وأشار إلى ما يتم بذله من جهود للتوصل إلى اتفاق لفتح طرق رئيسية في تعز، ودراسة خيارات ربط مطار صنعاء بمزيد من الوجهات ضمن تمديد الهدنة.

محاولة لتكامل الجهود

وفي 15 أغسطس صرح غروندبرغ خلال إحاطته لمجلس الأمن الدولي أنه "لم تحدث أي عمليات أو تغييرات عسكرية كبيرة على الجبهات، ولم تحدث أي ضربات جوية مؤكّدة داخل اليمن، ولا هجمات صادرة من اليمن عبر الحدود، ونشهد انخفاضاً في أعداد الضحايا المدنيين".

وكذلك دعا مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها في 12 سبتمبر 2022، الأطراف اليمنية إلى تكثيف جهودها، على وجه السرعة، والتحلي بالمرونة فيما يتعلق بالمفاوضات -تحت رعاية الأمم المتحدة- بغرض الاتفاق على هدنة موسعة يمكن ترجمتها إلى وقف دائم لإطلاق النار في كل أنحاء اليمن.

وذكر البيان الصادر عن مجلس الأمن، الفوائد الملموسة التي جناها الشعب اليمني من الهدنة، بما في ذلك خفض عدد الضحايا بنسبة 60 في المئة، ومضاعفة واردات الوقود، بمعدل أربع مرات، عبر ميناء الحُديدة، واستئناف الرحلات التجارية من صنعاء، والتي سمحت لـ21 ألف مسافر بتلقي العلاج الطبي ولمّ الشمل مع عائلاتهم.

ودان أعضاء مجلس الأمن جميعَ الهجمات في ظل سريان الهدنة، وخاصة الهجمات الحوثية على مدينة على تعز. وأكّدوا على عدم وجود حلٍّ عسكري للأزمة اليمنية، وأدانوا العرض العسكري في الحُديدة الذي قام به الحوثيون, ودعوا إلى إنهاء جميع أشكال المظاهر العسكرية المنظورة المخالفة لاتفاق ستوكهولم في عام 2018.

هدنة تخدم الحوثيين والتحالف وتفشل الشرعية

في مقابل ما حصل عليه الحوثيون من الهدنة في تنفيذ البنود الإنسانية من خلال تدشين رحلات جوية في مطار صنعاء والسماح بدخول المشتقات النفطية؛ إلا أن الهدنة فشلت بذات القدر في ما يخص الحكومة, وجاء ذلك بالإضافة إلى أن من ضمن أهداف الشرعية اليمنية استغلال الهدنة لترتيب صفوفها مع إعلان المجلس الرئاسي في 7 إبريل، أي بالتزامن مع إعلان الهدنة، لكن ذلك لم يحدث أيضاً، حيث اندلعت صراعات بينية في شبوة وتفجرت خلافات داخل المجلس لا تزال مستمرة.

ويقول المحلل السياسي ياسين التميمي لـ"اليمن نت": "للأسف عجزت الحكومة اليمنية عن تحقيق أي مكاسب إنسانية من الهدنة التي فشلت كلياً في تعز، حيث لم تفتح الطرق ولم تدخل أي مساعدات إنسانية". ويرى أنه "بالعكس استغل الحوثيون الهدنة للتحشيد نحو تعز وإرسال التعزيزات والآليات العسكرية، وتكثيف استعداداتهم العسكرية في عملية الخندقة ووضع الحواجز لتعزيز الحصار".

ويضيف التميمي: "الذي تم إنفاذه من هذه البنود هو إيقاف الأعمال العدائية الكبيرة، فلم يعد طيران التحالف السعودي الإماراتي يقصف أهدافًا في الداخل، ولا الصواريخ والمسيّرات الحوثية تستهدف المنشآت الحيوية والأعيان في كلتا الدولتين".

 ويرى مراقبون أن الهدف من فرض الهدنة هو حاجة للمجتمع الدولي أكثر مما هو حاجة للتخفيف عن المواطن اليمني, حيث كانت الأسواق العالمية لم تعد تحتمل المزيد من التوتر الذي يُفضي إلى إرباك إمدادات الطاقة بعد استهداف جماعة الحوثي للمنشآت النفطية في السعودية والإمارات، وبعدها جاءت الحرب الروسية على أوكرانيا التي أثرت على أسعار النفط في العالم, لذلك كانت الحاجة ماسة لوقف الحرب في اليمن.

ويرى الباحث السياسي خالد الشرعبي في حديثه لـ"اليمن نت" بأن "الهدنة كانت مكافأة للحوثي، بالسماح لسفن الوقود بالتدفق إلى الموانئ التي يسيطر عليها، وتسيير رحلات من صنعاء يتحكم بها إلى الوجهتين المعلن عنها, وبالمقابل لم ينفذ الحوثي شيئا من بنود الهدنة الأخرى؛ فلا مرتبات الموظفين المقطوعة من سنوات صرفت من عوائد رسوم المشتقات النفطية، ولا فُتحت طرق تعز المحاصرة منذ سبعة أعوام، برغم جولات المفاوضات بين ممثلي الطرفين برعاية الأمم المتحدة في الأردن، بسبب التعنت الحوثي الذي يريد فتح طرق بدائية بديلة عن لطرق والمنافذ الرئيسية، وإبقاء الطرق بين المحافظات مقطوعة لفرض واقع سياسي وأمني مستدام حسب بيانات صادرة من الحكومة الشرعية".

تمديد الهدنة بأحكام الاتفاقية السابقة

بعد تمديد الهدنة للمرة الثانية في 2 أغسطس الماضي؛ رحّب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بالاتفاق على تجديد الهدنة التي مكَّنت الأطراف من الالتقاء تحت رعاية الأمم المتحدة لبَدء مفاوضات لإعادة فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات، وتنفيذ آليات لخفض التصعيد العسكري في جميع أنحاء اليمن، في حين أصدر المبعوث الأممي بيانا أكد فيه أهمية تجديد الهدنة من أجل البدء في عملية سلام شامل في اليمن.

وقد صاحب فترة الهدنة (بين أبريل وأغسطس) الكثير من الجدل والاتهامات المتبادلة بين الحكومة الشرعية والحوثيين, كما صاحبت الهدنة خروقات يومية، غالبيتها على شكل مناوشات واشتباكات بالأسلحة في عدد من الجبهات، وتركزت في جبهتي مأرب وتعز, وسجّل خلالها سقوط ضحايا من قتلى وجرحى من الجانبين .

الهدنة الهشة تفشل

وفشل المبعوث الأممي إلى اليمن، بتمديد الهدنة للمرة الثالثة التي انتهت في 2 أكتوبر, وأعلن المجلس السياسي الأعلى التابع لجماعة الحوثيين، رفضه لمقترح أممي بشأن تمديد الهدنة، لأنه "لا يرقى لمطالب اليمنيين"، بحسب وصفه؛ حيث كان ملف تسليم "رواتب الموظفين" في مناطق سيطرة الحوثيين، والمتوقفة منذ أغسطس 2016 عقب نقل المصرف المركزي اليمني إلى العاصمة المؤقتة عدن، عائقاً أمام تمديد الهدنة.

وتتهم الحكومة اليمنية الحوثيين بعدم الالتزام بالاتفاق، وتقول إن إيرادات المشتقات النفطية من ميناء الحديدة كافٍ لتغطية نسبة كبيرة من الرواتب, في المقابل يريد الحوثيون أن تتحمل الحكومة صرف الرواتب من إيرادات النفط الذي يتم تصديره من مناطق سيطرة الشرعية اليمنية في محافظات مأرب وحضرموت وشبوة، ويتهمون شركات النفط العاملة هناك بنهب ثروات البلاد.

انتهت الهدنة الأممية الثالثة، ورفضت جماعة الحوثي والحكومة الشرعية تجديدها بسبب تعنّت الحوثيين، ورفع سقف مطالبهم، وإدراج شروط جديدة، اعتبرها المبعوث الأممي -في إفاداته أمام مجلس الأمن الدولي- غير مقبولة، إلا أن الهدنة ما تزال سارية على أرض الواقع، وما تزال حركة الطيران إلى مطار صنعاء مستمرة، وكذلك تدفق سفن مشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة علاوة على الهدوء النسبي في جبهات القتال.

اتهامات متبادلة

بعد فشل المفاوضات بين أطراف الصراع ، جاء تصعيد ميداني سياسي متبادل أواخر أكتوبر 2022، مهدّداً بنسف جهود تمديد نطاق الهدنة واستئناف الحرب، وذلك بإعلان جماعة الحوثي تنفيذها ما وصفته بـ"ضربة تحذيرية لمنع سفينة يونانية" كانت تستعد لنقل النفط الخام عبر ميناء الضبة، بمحافظة حضرموت ,وكان قد سبقها استهداف ميناء النشيمة بمحافظة شبوة؛ ليأتي التصعيد المقابل بإعلان مجلس القيادة الرئاسي، عن تصنيفه جماعة الحوثي "منظمة إرهابية"، حسب القرار رقم (1) لمجلس الدفاع الوطني..

وفي شهر نوفمبر، بالتزامن مع مونديال قطر 2022، شهد الوضع السياسي في اليمن جموداً من كل الأطراف.

وفي شهر ديسمبر وصل وفد عماني إلى صنعاء للقاء قيادة جماعة الحوثي، من أجل إجراء مباحثات معهم لتمديد الهدنة، ولكن جماعة الحوثي رفضت تجديد الهدنة إلاّ بتنفيذ شروطها، واعتبرت المقترحات العمانية لم تأتِ بجديد عن المقترحات السعودية المرفوضة مسبقا.

خيبة أمل

المتحمّسون لنتائج الهدنة في الشارع اليمني، مثل إسماعيل ياسين -موظف حكومي- بعد التفاؤل بحلحلة الأوضاع المعيشية والإنسانية، واعتبار الهدنة بداية لصناعة السلام والحد من الصراعات والموت، أصيبوا بخيبة أمل، وتحطّمت أحلامهم على صخرة الواقع المُر.

ظل اسماعيل، طوال الأشهر الأولى للهدنة، يبني الآمال، ويسوق المبررات لانتكاسات المشاورات المتوالية، ويسوّف تحقيق السلام، إلا أنه في الوقت الحالي تخلّى عن تفاؤله وقناعاته بجهود السلام ونتائج الهدنة، كما يقول لـ"اليمن نت".

وبحسب إسماعيل، فإن التفاؤل بالهدنة، وإنهاء الحرب، أمر مستحيل، في ظل وجود مليشيات الحوثي التي تعيش على الحرب، وتتاجر بمعاناة الناس وجوعهم، وشرعية عاجزة عن اتخاذ قرار الحرب والسلم، وسلّمت زمام الأمور للسعودية والإمارات، وهما من حصد مكاسب الهدنة بتوقف الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية, بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية لتجلب الدولتان المليارات، والحكومة الشرعية تغرق أدواتها في الفساد, وأوقعت نفسها تحت رحمة جماعات انقلابية في الشمال والجنوب.

انشر الخبر :

اخر الأخبار

أطلقت حكومة فانواتو هذه "المبادرة التاريخية" في عام 2021 بعد حملة بادر إليها طلاب جامعة في فيجي قبل سنتين على ذلك. 

لقد مكنّ الرئيس الإماراتي أشقاءه من السلطة ما يثير مخاوف بقية الإمارات الأخرى والقبائل من اندفاع الرئيس الذي تم تعيينه قبل. . .

استهدفت ميليشيا الحوثي، مساء الأربعاء، منزل أحد المواطنين في منطقة حرض، بمحافظة حجة، شمالي غرب اليمن، بواسطة. . .

قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، يوم الأربعاء، إن بلاده ترحب بأي مبادرة من شأنها إنهاء الحرب في اليمن. . .

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram