The Yemen Logo

طريق "مشرعة وحدنان" بتعز.. أمل مفقود ومعاناة "قتلت" جميع الخدمات

طريق "مشرعة وحدنان" بتعز.. أمل مفقود ومعاناة "قتلت" جميع الخدمات

وحدة التقارير - 21:04 03/03/2023

محمد الوجيه

معاناة كبيرة، وأوقات صعبة، يمضيها أبناء مديرية "مشرعة وحدنان" أثناء التنقل من وإلى المديرية -التي تشكل إحدى الضواحي الجنوبية لمدينة تعز- نتيجة لوعورة الطريق وتعرجه؛ وهو ما تسبب بالعديد من المشاكل والصعوبات اليومية.

في مديرية يقطنها قرابة سبعين ألف نسمة بات الوصول إلى المدينة، والتي تبتعد عنهم بضعة كيلومترات، رحلة شقاء وعناء تكلفهم الكثير من التكاليف المادية والإرهاق الجسدي نتيجة لوعورة الطريق.

الطلاب من أبناء المديرية من أبرز الفئات تضرراً؛ إذ يبدأ معظمهم رحلاتهم اليومية منذ الصباح الباكر إلى المدينة للوصول إلى الجامعات والمعاهد الملتحقين بها، فيخوضون مغامرات صعبة تحرمهم كثيراً من الأحيان من محاضراتهم الأولى بسبب وعورة الطريق والالتزام بنظام "الفرزات" لسيارات النقل الجماعي.

تشرح أسماء قاسم، وهي طالبة في كلية الطب، معاناتها قائلة: "تواجهنا العديد من المتاعب والصعوبات بسبب الطريق الوعرة والتي لم يتم القيام على إصلاحها وجعلها مستوية مساواة مع باقي المديريات".

بدائل منهِكة

وتشتكي أسماء، لموقع "اليمن نت"، من البدائل التي يلجأ إليها الطلاب في حال قرروا العيش في المدينة: "الطريق متعبة وشاقة، وأيضا تكاليف النقل والمواصلات مرتفعة مما يثقل كاهل الطالب؛ لذلك كثيرا ما يضطر معظم الطلاب إلى السكن في المدينة واستئجار مكان طيلة فترة الدراسة، وهذا أيضا يُكلف الطالب الكثير من المبالغ لسد حاجته من الأكل والشراب"، مشيرة إلى أن "معظم الطلاب غير قادرين على توفير مصاريفهم اليومية ناهيك عن الإيجار والسكن في المدينة.

وتؤكد أسماء أن "الطريق إذا كانت مُستوية فلن يضطر الطالب إلى الجلوس في المدينة ولا الاستئجار، بل ستكون المواصلات غير مكلفة، ما يسهل على الطالب السفر للدراسة، والعودة في نفس اليوم، خصوصاً الطلاب غير القادرين على توفير مصاريف السكن أو المواصلات اليومية المرتفعة التي تُكلفنا حاليا".

من جانبه، يؤكد مدير مكتب التربية والتعليم في المديرية الدكتور عبدالعالم السبئي أن "كثيراً من الطلاب -خاصةً الطالبات- يتسربون من مقاعد الدراسة في الجامعات رغم قرب المديرية من المدينة، إلا أن إيجار النقل للسيارات من وإلى المديرية مرتفعة جداً، حيث يتطلب النزول والصعود اليومي للطالب ما يقارب خمسة آلاف ريال كأقل تقدير، ناهيك عن احتياجات الطالب الأخرى من مستلزمات ووجبات، وكل ذلك يتراكم إلى مبلغ لا يستطيع الطالب أن يوفره بشكل يومي. حتى أولياء الأمور يقفون بنوع من العجز أمام تلك المبالغ".

وأضاف السبئي في حديثه لـ"اليمن نت": "في المقابل هما خياران أمام الطالب أحلاهما مر في حالة أن الطالب قرر القعود في المدينة فهذا يحتاج إلى سكن، وكما هو معروف أن الإيجار بات مرتفعا بشكل كبير جداً في المدينة بالإضافة إلى مصاريفه اليومية".

وتابع السبئي: "هناك الكثير من النماذج التي عرضت عليّ، معظمها لطالبات تركن الجامعات بعد سنة واحدة من الدراسة نتيجة عدم القدرة على النزول اليومي أو السكن في المدينة؛ وهو ما ينعكس سلباً على الطالب، حيث يبدأ مقارنة قدرة والده على الإنفاق على التعليم أو مصاريف الأسرة اليومية فيضطر إلى ترك الجامعة لأجل الحفاظ على لقمة العيش للأسرة وعدم زيادة أعبائها"..

شريان حياة

حالات مرضية عديدة فقدت إلى الأبد نتيجة التأخر في الإسعاف بسبب وعورة الطريق والصخور المتساقطة في موسم الأمطار، والتي تسببت في حوادث كثيرة، خاصةً أن الطريق تمر في منحدرات جبلية موازية لطبيعة المديرية المتربعة في جبل صبر.

هذه المعاناة واحدة ولّدت بجانبها عشرات المتاعب؛ إذ تعد الطريق شريان حياة؛ فصلاحها يعد عامل جذب لكافة المشاريع التنموية والخدمات العامة بالمديرية. لذلك حرمت المديرية من عشرات المشاريع والخدمات خاصة في قطاعي الصحة والمياه، واللذَين يشكلان أكثر من 50% من المشاكل التي تواجه أبناء المديرية. مؤخراً وخلال السنوات الأخيرة استقبلت المديرية عشرات المنظمات المحلية والدولية إلا أنها تنسحب عقب وصول فريقها التقييمي نتيجة لوعورة الطريق وصعوبة نقل المستلزمات في الشاحنات الكبيرة؛ لتقف الطريق حجرة عثرة أمام تنمية بقية القطاعات.

يتحدث مدير مكتب الصحة في المديرية الدكتور شجاع الحاج لموقع "اليمن نت" عن أبرز المصاعب التي لحقت بالقطاع الصحي، قائلاً: "وعورة الطريق أدى إلى ازدياد عدد الحوادث، والتي تؤدي بشكل مباشر إلى ازدياد عدد الوفيات والإصابات الخطيرة نتيجة لهذه الحوادث، وما يزيد من عمق المشكلة هو تأخر نقل الحالات المرضية والإسعافية إلى خارج المديرية للحصول على الخدمات الصحية الغير متوفرة داخل المديرية، نظرا لعدم توفر مستشفى مؤهل بالإمكانيات اللازمة؛ خصوصاً الحوامل والولادات المعسرة والاصابات وحالات النزيف التي تؤدي إلى وفاة الحالات أو تفاقم وسوء حالتها نتيجة لذلك التأخر".

ويضيف الحاج: "من المشاكل التي تواجه أبناء المديرية بشكل غير مباشر بسبب وعورة الطريق ارتفاع أسعار نقل المواد الغذائية، وهو ما أدى إلى زيادة إضافية وتلقائية في أسعار المواد الغذائية؛ ما أضاف عبئاً آخر على مواطني المديرية".

ويشير الحاج إلى أن عزوف معظم المنظمات عن دعم القطاع الصحي والغذائي كان نتيجة لوعورة الطريق وصعوبة الوصول إلى المرافق الصحية في المنطقة.

مبادرة رصف

مؤخراً وفي نهاية العام المنصرم، بعدما شعر الأهالي باليأس من مطالبتهم المستمرة للجهات المختصة بالالتفات إلى معاناتهم؛ قرروا إطلاق مبادرة مجتمعية لجمع تبرعات من أبناء المديرية أنفسهم لتغطية الخذلان الحكومي؛ فبدأوا بالجود بما يملكون (كلٌ حسب ظروفه)؛ إلا أن الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها المواطنون في البلد بشكل عام حالت بين المبادرة وبين تحقق المبلغ الكافي.

مع ذلك مازالت قيادة المديرية متمسكة بالأمل، مناشِدةً في الوقت نفسه كافة المنظمات المحلية والدولية المعنية بتقديم الدعم والإسناد لأهالي المديرية ليتمكنوا من عملية الصيانة ورصف بعض المنحدرات الخطيرة.

 يتحدث مدير عام مديرية مشرعة وحدنان الأستاذ جمال النقيب لموقع "اليمن نت" عن أهمية المبادرة قائلاً: "تمثل هذه المبادرة المجتمعية التي أطلقها أبناء المديرية في هذا التوقيت لرصف وصيانية طريق مشرعة وحدنان نقطة مضيئة، وعاملا مساعدا ومكملا لدور السلطة المحلية في المديرية، على اعتبار أننا في سلطة المديرية -في ظل غياب الموارد المشتركة والمركزية، وشحة موارد المديرية المحلية، وفي ظل الأوضاع التي تمر بها البلاد، والتي تسببت بإيقاف استكمال سفلتة الطريق الرئيسية- لا نستطيع بمفردنا تنفيذ هذا المشروع الإستراتيجي".

"بالتالي نحن نشجع هذه المبادرة المجتمعية التي تهدف إلى صيانة ورصف الأجزاء المهمة في الطريق الرئيسي لمديريتنا التي تعرضت للتخريب والأضرار نتيجة سيول الأمطار والانهيارات الصخرية، وتساهم في تعزيز دور السلطة المحلية في القيام بدورها الخدمي والتنموي ومنها إصلاح الطريق وصيانتها للتخفيف من المعاناة اليومية للمسافرين"، يضيف النقيب.

وناشد النقيب "كافة المنظمات والمؤسسات المحلية والدولية المهتمة بهذا الشأن إلى تحقيق شراكة فاعلة، ودعم وإسناد هذه المبادرة المجتمعية التي سنحقق سوياً منها تنمية مستدامة في مديرية مشرعة وحدنان، ونسهم في التخفيف من المعاناة التي أثقلت كواهل الناس".

 مراحل تاريخية وحلم منهوب

نهايات سبعينات القرن الماضي بدأ شق طريق مديرية مشرعة وحدنان بعد جهود كبيرة لمشايخ وعقال المديرية، وبعد وصول عملية الشق إلى مرحلة بسيطة سقطت المعدات الرئيسية للشق وتوقف العمل، إلا أبناء المديرية في الوقت آنذاك كانوا أشد صلابة وتحدياً؛ فبدأوا بتجميع مبالغ مالية من أبناء المديرية، ومنها تم شراء معدات جديدة أصبحت فيما بعد ملك خاص للمديرية كأحد الوارد للسلطة المحلية.

وفي بدايات الثمانينات استكمل المشروع في شق الطريق إلى معظم مناطق المديرية؛ لكن الظروف الجيولوجية والجوية لم تكن مساعدة، خاصةً في مواسم الأمطار الغزيرة، والسيول التي تؤدي إلى الانزلاقات والانهيارت الجبلية؛ مما استدعى الأمر إلى تدخل من قبل الحكومة اليمنية في العام 2010؛ خصصت الحكومة الوقت آنذاك مبلغ مليارين وأربعمائة مليون ريال لاستكمال الشق والسفلتة.

وبعد وصولها إلى استكمال الثلث الأول من الطريق اندلعت انتفاضة العام 2011 وهو ما أدى إلى توقف المشروع لأربع سنوات، وبعد مواصلات حثيثة من قبل الأهالي بدأت حكومة باسندوة في العام 2014 باستكمال المشروع إلا أن الانقلاب الحوثي قضى على أحلام المواطنين ليدفن بذلك مشروع السلفتة والصيانة كغيره من آلاف المشاريع التي تم نهب موازناتها من قبل الانقلابيين.

انشر الخبر :

اخر الأخبار

طالب عدد من الصحفيين والناشطين اليمنيين، اليوم الجمعة، بتقديم جميع منتهكي الصحافة اليمن إلى المحاكمة، وعلى رأسهم. . .

دانت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، الانتهاكات التي تمارسها مليشيات الحوثي بحق الطائفة البهائية في العاصمة صنعاء، وتهدبد. . .

صبيحة يوم عيد الفطر المبارك أطلقت ميليشيات مسلحة تدعمها الإمارات أعيرة نارية على الشيخ الباني فور انتهائه من خطبة عيد الفطر، في مديرية بيحان غربي شبوة، وأردوه قتيلا على الفور.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر المجاعة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram