في ليلة الذكرى الـ 61 لثورة 26 سبتمبر شعر الحوثيون بالرعب بعد الخروج الكبير للمواطنين للاحتفال
ما أن يقترب شهر رمضان المبارك ويبدأ الناس في الاستعداد والتحضير لاستقبال الشهر الفضيل يتذكر اليمنيون الأصوات التي ارتبطت بطقوس رمضان لديهم والتي لم ينسوها رغم مرور عقود من الزمن.
الشيخ محمد بن حسين القريطي أحد تلك الأصوات التي اقترنت بالشهر الكريم حيث كان يتردد صوته الساطع دائما خلال أيامه ولياليه منذ بدأت تذيع إذاعة صنعاء صوته، حين افُتتحت لأول مرة عام 1366هـ/1947م.
ولد الشيخ محمد القريطي في مدينة صنعاء عام 1922م وهو نفس العام الذي توفّي فيه والده، مع عدد من الحجاج اليمنيين في حادثة تنومة المشهورة.
ثم تولت والدته تربيته وألحقته في التعليم حيث درس في مدرسة "المفتون" بصنعاء، ثم التحق بحلقات الدرس في الجامع الكبير، وتتلمذ على يد شيخ مشايخ عصره في القراءات، العلامة حسين بن مبارك الغيثي.
وخلال سنوات قليلة استطاع القريطي أن يحفظ القرآن الكريم بالقراءات السبع، ثم تبحر في علوم اللغة العربية حتى أنه كان المرجع اللغوي الأوّل لدى إذاعة صنعاء.
ولم يستقر الشيخ القريطي في اليمن، بل كان كثير التردد على مكة المكرمة في مواسم الحج خاصة، فكانت له في مكة المكرمة حلَقة معروفة يستمع فيها الحجاج من مختلف البلدان إلى تلاوته المميزة.
استمرّ الشيخ القريطي في عمله بالإذاعة كمدقق لغوي حتّى قيام ثورة 26 سبتمبر عام 1962، ثم انتقل إلى جوار ربّه في نفس العام.
بعد قيام ثورة سبتمبر انطلقت الإذاعات المحلية في عدد من محافظات اليمنية، وأصبحت تلاوة الشيخ القريطي المميزة تصدح في كل مكان وتبعث في مستمعها كل مشاعر التقوى والتقرب إلى الله.
ورغم مرور 62 عاماً على وفاته، إلا أن صوت الشيخ القارئ القريطي، لا يزال له وقع خاص وأثر بالغ في نفوس أجيال من اليمنيين استمعوا لتلاوته عبر الإذاعات المحلية طوال أيام الشهر الفضيل.
ويقول أحمد صالح –باحث بمنظمة الاسسكو للتربية والثقافة والعلوم في صنعاء – في تصريح صحفي إن "القريطي بنبرة تلاوته الهادئة الشجية الغير متكلفة تجعل المستمع ينساق في خيال واسع مع رمضان وطبيعة الإفطار الذي سيتناوله بعد يوم رمضاني من الصيام عن الطعام والشراب”.
وأرجع الباحث صالح ذلك إلى وجود تكريس إذاعي لتلاوة واحدة منذ أكثر من خمسين عاما. مضيفا: “أنا منذ طفولتي وأنا أستمع إلى تلاوة القريطي قبل الإفطار في رمضان، ونتيجة لهذا التكريس الحاصل فقد أصبح صوت القريطي يرتبط ذهنيا برمضان".
يقول الباحث في أصول الفقه الإسلامي عبدالله القيسي، إنه يتذكر كيف كان يشعر بفرح في أعماقه بقدوم شهر رمضان المبارك والذي تأتي معه أشياؤه الجميلة، حيث كان أجمل ما يسمعه في يومه هو ذلك الصوت الدافئ الذي ينطلق من ميكروفنات المساجد قبل المغرب.
ويضيف القيسي لموقع لـ"اليمن نت" إن "تلاوة مختلفة ارتبطت بذهنه مع قرب أذان المغرب، هو صوت المقرئ المرحوم محمد حسين القريطي، والذي لا صوت يربط الناس برمضان مثل صوته".
ويتابع: "مرت الأيام والسنين واستمعت لكبار القراء في العالم الإسلامي، ولكن ذلك الصوت المنحوت في الصغر كان هو الأكثر تحريكاً لاشتياقي للأماكن الأولى التي عرف فيها الصيام، للأصدقاء الأوائل الذين أقضي معهم رمضان في تنافس على الصيام وقراءة القرآن، للحكايات الرمضانية التي نسمعها من كبار السن، للمسلسلات الدينية التي كانت حينها قادرة أن تذرف دمعه في إحدى مشاهدها".
ويضيف أنه "خلال السنوات الأخيرة حاول أن يعيد الأجواء تلك التي تعيده لرمضانات مضت، ينتظر قبل المغرب ويفتح صوت القريطي من تلفونه ليسبح معه في تلاوته، سباحة في المعنى أولاً وسباحة في الذكريات ثانياً".