شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
شهد النصف الأول من العام 2018 في اليمن تحولات كبيرة وغير مسبوقة، كان للجانب العسكري والسياسي النصيب الأكبر فبها بالإضافة إلى حالة الانهيار الاقتصادي وتزايد معدلات الجوع داخل البلاد، مما دفع العشرات من المنظمات الدولية إلى إعلان الأزمة الإنسانية في اليمن الأسوأ في بداية القرن الحديث.
وبرز على السطح أكثر انحراف التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن عن أهدافه التي أعلن عنها بداية تدخل في اليمن عام الـ 2015 م وتحول من مناصر للشرعية التي جاء من أجلها إلى عائق كبير أمامها عبر مواصلة انشاء الدولة الثانية داخله الإمارات العربية المتحدة ميليشيات خارج عن السلطة في عدد من محافظات البلاد، بالإضافة إلى أحلام النفوذ وممارسة دور المحتل على موانئ ومطارات البلاد ونفطها.
يسلط هذا التقرير الضوء على أبرز الأحداث التي مرت بها اليمن خلال النصف الأول من 2018.
استهل ما يسمى المجلس الإنتقالي المدعوم من أبو ظبي بداية العام 2018 بإعلان التمرد على الحكومة الشرعية، حيث أعلن الجنوبي في 21 يناير 2018 أنه سيطيح يحكومة بن دفر في غضون أسبوع ما لم يقم الرئيس هادي بإقالتها.
وبعد انتهاء المهلة التي حددها الإنتقالي الجنوبي، حشد المئات من أنصاره إلى ساحة العروض بمدينة خور مكسر بالعاصمة عدن للمشاركة في ما أسماها فعالية تطالب بإسقاط حكومة بن دغر وتقديمها للمحاكمة .
المظاهرات التي كان من المقرر ان تجري في 28 يناير حينها، تحولت دامية دارت بين قوات الحكومة الشرعية ومسلحين تابعين للمجلس الانتقالي التابع لأبوظبي مما أسفر عن سقوط 21 قتيلا و290 جريحاً.
وتسارعت وتيرة الأحداث بعدها في العاصمة المؤقتة عدن لتنتهي بشكل دراماتيكي انتهت الى سقوط أهم معسكرات الحماية الرئاسة في يد قوات المجلس الانتقالي الموالية للإمارات، بعد أن طوقتها بمدرعات حديثة وبمساندة جوية قبل أن تعود مرة أخرى لتسليمه إلى قوات المنطقة العسكرية الرابعة وبإشراف رئيس لجنة الوساطة التي قادتها السعودية العميد الركن مسفر الحارثي.
كل تلك التطورات التي شهدتها عدن بدت وكأنها سيناريو مكرر لما حدث في صنعاء في سبتمبر من عام 2014م، حسب ما يرى مراقبون، حتى وإن اختلف الداعم والمحرك الدولي والإقليمي من إيران إلى أبو ظبي هذه المرة.
وفي بداية شهر فبراير من العام 2018 عادت إلى الواجهة مجددا الاتهامات الدولية للنظام الإيراني، بدعم جماعة الحوثي في اليمن، بصواريخ وأسلحة متطورة من أجل استهداف الأراضي السعودية، التي تقود تحالفا عربيا لإعادة شرعية الرئيس هادي، وإنهاء نفوذ طهران في اليمن.
جاء ذلك خلال عرض الخارجية البريطانية صورا جديدة قالت إنها دليل واضح يثبت بشكل قاطع تورط إيران بتقديم أسلحة أخرى للحوثيين، ونشرت الخارجية البريطانية حينها على حسابها في تويتر، صورا قالت إنها للوحة المفاتيح بالفارسية، وأختام المصنع من متعاقدي دفاع إيرانيين، موقع الصمام، وروزنامة فارسية، وكلها قطع في أحد الصواريخ البالستية التي استهدفت المملكة.
أدلة جديدة تؤكد الدعم الإيراني للحوثيين.. وتثير تساؤلات حول مدى جدية المجتمع الدولي في معاقبة طهران!
وافق مجلس الأمن في الخامس عشر من فبراير/شباط 2018 على تعيين مارتن غريفيث مبعوثاً أممياً خاصاُ إلى اليمن خلفاً لـ إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بعد أن أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن عدم اعتراض أي من أعضاء المجلس عليه. وبهذا يكون قد تولى أعقد ملفات الشرق الأوسط.
ويعتبر البريطاني غريفيث، مواليد 1951، واحداً من أهم الدبلوماسيين الأوروبيين وفقاً للأمم المتحدة وهو المدير التنفيذي للمعهد الأوروبي للسلام في بروكسل، ولديه خبرة واسعة في حل النزاعات والتفاوض والشؤون الانسانية.
المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن.. فرص "التسوية السياسية" في ظل تهيئة دولية لإنهاء الحرب
يكاد اليمن، كدولة، أن يكون قد ولى عن الوجود. بهذه الكلمات المقتضبة بدأ تقرير لجنة الخبراء التابعين لمجلس الأمن الدولي الحديث عن الأوضاع في اليمن في تقرير صدر في منتصف شهر فبراير من العام 2018.
وقال: “بعد قرابة ثلاث سنوات من النزاع، اختفى اليمن عن الوجود فبدلا من دولة واحدة، هناك دويلات متحاربة، وليس لدى أي من هذه الكيانات من الدعم السياسي أو القوة العسكرية ما يمكّنه من إعادة توحيد البلد أو تحقيق نصر في ميدان القتال”.
وأشار التقرير إلى الشمال، حيث يعمل الحوثيون من أجل تشديد قبضتهم على صنعاء وجزءٍ كبير من المناطق المرتفعة، بعد معركة شوارع استمرت خمسة أيام في المدينة، وانتهت بإعدام حليفهم السابق، وهو الرئيس السابق علي عبد الله صالح
وأوضح التقرير بأن هناك تحدٍّ آخر تواجهه الحكومة وهو وجود قوات تعمل بالوكالة، تسلحها وتمولها الدول الأعضاء في التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وتسعى إلى تحقيق أهداف خاصة بها في الميدان مؤكداً أن أبرز القوات تملكها الإمارات ولاتخضع لسلطة الحكومة الشرعية
الإمارات في تقرير خبراء مجلس الأمن.. مستعمر ينشئ قوات محلية تمحو اليمن من الوجود
وفي أواخر شهر مارس أصدرت وحدة تحليل السياسات في مركز أبعاد للدراسات والبحوث، دراسة قالت فيها إن العمليات العسكرية التي تقودها السعودية تدخل عامها الرابع في اليمن في وقت يبدو التحالف العربي منقسم فعلياً حول الهدف الرئيس الذي قامت من أجله، مشيرة إلى أطراف في الخليج لا تبحث عن انتصار سهل وسريع في اليمن، وإنما لتحقيق مصالح استراتيجية.
وأكدت وجود حالة قلق لدى الخليجيين من استفادة القوى الفاعلة على الأرض من أي نتائج للحرب ما جعلهم يدعمون تفكيك البنى التقليدية والمجتمعية والقوى العسكرية والمنظومات الأيدلوجية والأحزاب السياسية، لصالح بدائل مذهبية ومناطقية وتكوينات ميليشاوية.
وقال المركز “هناك اعتقاد سائد لدى بعض أطراف التحالف العربي مثل السعودية والإمارات أن دعم تجزئة اليمن يسهل التحكم به مستقبلاً”.
وأشارت الدراسة إلى أن الإمارات العضو الثاني في التحالف العربي أصبحت منشغلة ببناء قواعد عسكرية دائمة قرب مضيق باب المندب، وتطمح لتحويل جنوب اليمن مصدر رئيس للطاقة وللقوة الإقليميَّة والتأثير الدولي لها.
(مركز دراسات يمني).. أطماع السعودية والإمارات في تفكيك اليمن والسيطرة على مواردها
وفي شهر أبريل من العام 2018 بدأت فعلياً أبوظبي في تحريك أتباع الرئيس اليمني الراحل في الساحل الغربي للبلاد، بعد أن فشلت جهودها في إقناع قادة المقاومة الجنوبية بأن يكون “طارق صالح” قائداً للعمليات.
وبدأت الألوية العسكرية التي يقودها طارق صالح لأول مرة عمليات عسكرية، الخميس 19إبريل/ نيسان 2018، في مدينة المخا الساحلية غرب مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) ودارت مواجهات عنيفة حيث تمت السيطرة على عدد من المرتفعات المطلة على معسكر خالد، القريب من ميناء المخا.
الساحل الغربي لليمن.. أبوظبي تستنفر قواتها وميليشياتها وتستعد لمواجهة الجيش والمقاومة
وفي 23 أبريل من الشهر ذاته، أعلنت جماعة الحوثي مقتل صالح الصماد رئيس ما يسمى ب"المجلس السياسي الأعلى لها " في غارة للتحالف العربي يوم الخميس الماضي.
ويعد "الصماد" المطلوب رقم 2 على قائمة تحالف دعم الشرعية في اليمن.
ما حجم التأثير الذي يمكن أن يتركه مقتل الرجل الثاني في جماعة الحوثي المسلحة؟!- تقرير خاص
وفي الـ 24 من شهر أبريل أطلقت السلطة المحلية بمدينة تعز (وسط اليمن) حملة عسكرية أمنية لبسط سيطرتها على عدد من الأحياء والشوارع التي تسيطر عليها فصائل عسكرية مسلحة تتبع القيادي السلفي عادل عبده فارع (أبو العباس) المصنف ضمن الإرهابيين المطلوبين من قبل وزارة الخزانة الأمريكية وعدد من الدول العربية، وتتهمه السلطات بتنفيذ عمليات الاغتيال وزعزعة أمن المدينة.
وجاءت الحملة الأمنية حينها عقب اغتيال الموظف اللبناني في منظمة الصليب الأحمر حنا لحود السبت الماضي 21إبريل/ نيسان 2018 غرب مدينة تعز برصاص مسلح مجهول، في عملية اعتبرها مراقبون نتيجة للانفلات الأمني وتعدد الفصائل التي تتحكم في منافذ المدينة وتسيطر على عدد من مقرات الدولة.
هل تنجح تعز في إنهاء سيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من أبوظبي وبسط نفوذ الدولة؟-تقرير خاص
وتصاعدت في شهر مايو2018 أزمة الحكومة اليمنية مع دولة الإمارات نحو مسار جديد هذه المرة حيث سلمت الحكومة اليمنية مجلس الأمن الدولي رسالة شكوى بشأن استمرار الوجود العسكري الإماراتي بمحافظة “أرخبيل سقطرى” بالتزامن مع ذلك دخلت الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة على خط الأزمة حيث أصدرت الخارجية بيان بشأن ما يجري سقطرى في تجاوب سريع من تحركات الحكومة.
ورفض رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر مغادرة جزيرة سقطرى حينها حتى يتم إخراج القوات العسكرية الإمارتية التي وصلت مطلع الشهر الجاري بالتزامن مع زيارته للجزيرة مع عدد من الوزراء والمسؤولين، وكانت مسيرات خرجت مناهضة للتواجد الإماراتي العسكري وتأييداً لخطوات الحكومة.
وصول أزمة اليمن والإمارات إلى مجلس الأمن يدخل العلاقة مرحلة "اللاعودة".. كيف سترد أبوظبي؟!-تقرير خاص
وفي شهر مايو من العام ذاته، شهدت عدد من الجبهات داخل اليمن تصعيد عسكري هو الأعنف بين القوات الشرعية المسنودة من التحالف العربي، ومليشيات الحوثي الانقلابية.
وكان لافتا التقدم الكبير الذي أحرزته قوات الجيش الوطني في مختلف الجبهات، أبرزها صعدة والحديدة والجوف، وتمكنت خلالها من السيطرة على عدد من المناطق.
وتزامنت تلك المعارك مع التحركات التي يجريها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل السلام في اليمن، والذي عقد العديد من اللقاءات من مختلف الأطراف اليمني، كان آخرها مع الأمين العام لمؤتمر حضرموت الجامع عبدالقادر بايزيد.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد أدان حينها “التصعيد الحاد” في اليمن”، ودعا طرفي النزاع للامتناع عن المزيد من التصعيد حتى لا تحبط فرص تحقيق السلام.
معارك طاحنة في اليمن.. هل هناك توجه لحسم الحرب في ظل تحركات ملف السلام؟!
وفي بداية شهر يونيو من العام 2018 أظهرت الصحافة الدولية فداحة الأزمة الإنسانية في اليمن، التي تعتبرها الأمم المتحدة أسوأ أزمة في العالم، فثمانية ملايين مواطن حاليًا على حافة المجاعة؛ بعدما أصبح أهم ميناء فيها هدفًا متكررًا للتحالف السعودي منذ ثلاث سنوات.
وقالت صحيفة وانشنطن بوست: “تتعاظم المخاوف بأزمة إنسانية واسعة في وقت تسعى القوات اليمنية المدعومة من الإمارات والسعودية إلى السيطرة على ميناء الحديدة ومدينته، البالغ سكانها 700 ألف نسمة؛ ويعتبر الميناء نقطة دخول لـ70% من احتياجات اليمنيين، وعلى أميركا ضرورة التوقف عن دعم المشروع السعودي واستخدام نفوذها لإجبارها على التراجع”.
أما صحيفة ميدل ايست آي البريطانية فنشرت مقالا لـ«جوناثان فينتون هارفي»، المختص بشؤون الشرق الأوسط، وقال فيه إن المجتمع الدولي مسؤول عن المعاناة التي يواجهها اليمنيون والتي تسببت فيها السعودية والإمارات والحوثيون.
"الأزمة الإنسانية" في اليمن تزداد فداحة مع اقتراب القوات من "الحديدة" والكل شركاء فيها
وفي الـ 20 من شهر يونيو كشف تحقيق لوكالة اسوشيتد برس، عن تعرض المئات من المعتقلين لإيذاء جنسي مماثل خلال الحدث الذي وقع في 10 مارس / آذار في سجن بير أحمد في مدينة عدن الجنوبية، وفقا لسبعة شهود قابلتهم وكالة أسوشيتدبرس.
و توفر أوصاف الاعتداءات الجماعية نافذة على عالم من التعذيب الجنسي والإفلات من العقوبة في السجون التي تسيطر عليها الإمارات في اليمن.
ونقلت الوكالة رسوم لسجناء عن كيفية نقلهم، وتشير رسمة إلى شاحنة صغيرة تنقل معتقلين إلى سجن تديره الإمارات في اليمن. ومكتوب عليها: “هذه هي الطريقة التي ينقلون بها المعتقلين من وإلى التحالف، معصوب العينين ومكبل اليدين في الجزء الخلفي من سيارة بيك اب لاند كروزر بأعداد كبيرة كما لو كانت حيوانات وتحت تهديد السلاح ”.
(تحقيق أمريكي) يكشف فظائع التعذيب الجنسي في سجون الإمارات جنوبي اليمن-بالصور
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين