شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
تمر اليمن بمخاض عسير هذه الأيام ، فبينما ينشط ولد الشيخ بالتنقل في دول الخليج لإحياء خارطة السلام الذي وافق عليها الحوثيون ورفضتها الحكومة الشرعية لتجاوزها السلام الحقيقي ، ولهثها وراء أحلام الحوثيين وآمالهم ، ووافقت الحكومة مؤخرا على تقديم ملاحظاتها على تلك الخارطة البائسة ، يتفاجأ العالم بإعلان الانقلابيين عن حكومة إنقاذ في صنعاء ، ضاربين عرض الحائط كل ماتم التوقيع عليه من قبلهم مع كيري في مسقط ، وغير آبهين بدعوات السلام التي يطلقها المجتمع الدولي لإخراج اليمن من أزمة خانقة استمرأت فيها مليشيات الموت القتل والتدمير ، ولم يعيروا كذلك أدنى اهتمام دعوات الأمم المتحدة والأمريكيين الذين مافتئوا يتبنون أفكارهم ورؤاهم لحل الأزمة دون التفات لما جرى ويجري لليمنيين من اضطهاد جراء استفحال أمر تلك المليشيات ، وكأن الانقلابيين يعيشون بمفردهم في هذا الكوكب ، لايسمعون لدعوة محب ولايبالون بصرخة عدو.
شكل الانقلابيون الحكومة لإنقاذ أنفسهم وليس لإنقاذ البلاد كما يزعمون ، وأصبح قوام الحكومة( 42 ) وزيرا كأكبر حكومة عرفتها البشرية ، اجتمعت فيها المتناقضات كلها ، الخوف والمجاعة ، والمتردية والموقوذة والنطيحة ، وضمت سبعة وزراء دولة دون حقائب ، وثلاثة نواب رئيس وزراء ، ومع هؤلاء بنك فارغ تماما من السيولة ، واقتصاد منهار ، وصلاحيات مصادرة من قبل اللجان الثورية التي يقودها محمد علي الحوثي والتي لازالت مخالبها في كل الوزارات ومؤسسات الدولة ، وأمن بيد اللجان الأمنية التي تخضع لعبد الكريم الحوثي ، وجيش ومليشيات تأتمر بأمر عبد الخالق الحوثي ، وموظفون بلا رواتب ، ووظائف متخمة بمليشيات مؤهلاتها أنها ( تأكل وتشرب) ، ومجلس سياسي صلاحياته الحصرية التوقيع على التعيينات التي ترفعها اللجان الثورية وحسب ، وهلم جرا.
عجز الانقلابيون بشكل كبير عن إخضاع بعض المحافظات والمدن ، لكنهم نجحوا في استخدام القبائل التابعة لهم كوقود لإضرام نيران أحقادهم على الجميع ، نجحوا في حشد الحشود ، فهم يحشدون للقضاء على تعز ، ويحشدون لإسقاط نجران وجازان! ويحشدون لمواجهة زحف الجيش الوطني في كل الجبهات ، ويحشدون لدعم المجهود الحربي ، ويحشدون للتبرع للبنك المركزي ، ويحشدون الأطفال إلى محارق الموت ، ويحشدون أصحابهم ليبنوا لهم بيوتا ضخمة في صنعاء في زمن الجوع القاتل الذي سببته حشودهم ، ويحشدون لمليشياتهم أسواقا سوداء يمتصون بها مابأيدي الشعب من بقايا حياة ، واليوم حشدوا ما تبقى منهم في قوام الحكومة! كل حياتهم حشد في حشد ، لكنهم لم يحشدوا قط لبناء اليمن ، وعمارة الأرض ، وبقاء الإنسان ، لم يحشدوا لدعم اليمنيين وتحسين معيشتهم ، ولم يحشدوا للقضاء على المجاعة ومكافحة الفقر والمرض.
ولكن.. مايفعله الانقلابيون من تمرد على الشرعية الدولية ، ورفض لأي اتفاق سلام تحمله الأمم المتحدة أو غيرها ، يأتي في سياق تمردهم ، وانقلابهم للاستيلاء على السلطة ، وتشبثهم بها ، وفي اعتقادي ليسوا بملومين اليوم على أفعالهم تلك ، في ظل حكومة شرعية لاتبالي هي الأخرى بمن ساندها ووقف إلى جوارها ، فعلى مدى عامين نجح الانقلابيون في إجبار الحكومة ومعها دول التحالف والعالم على المراوحة في المكان نفسه ، ولم يتقدمو خطوة واحدة إلى الأمام ، بل بالعكس جعلتهم يهرولون إلى الوراء ، ما أكسب الانقلابيين مناعة ضد أي ضغوطات قد تحملهم قسرا على الانخراط في سلام هم يرفضونه بالمطلق ، لكن اللوم كل اللوم ينبغي أن يتجه للحكومة الشرعية ومن ورائها دول التحالف الذين مافتئوا يرضخون للضغوطات تلو الضغوطات ، وتقديم التنازلات تلو التنازلات ، ليصلوا اليوم إلى طريق مسدود ، لاينفع معه التنازل ، ولايفيد عنده التشنج في المواقف ، فعلى مدار عام كامل من التفاوض أظهرت الحكومة مدى ضعفها أمام صلابة الانقلابيين ، ما حمل المجتمع الدولي على عكس المعادلة ، فأصبح الانقلابيون هم من يمثل الشرعية ، والحكومة هي المنقلبة على الشرعية ، لأن الضعف كان هو السائد في تعاملات الحكومة ، وكأن بكاء وزير ، أو نواح مستشار ، أمام سفراء الدول الراعية للحل في اليمن هو من سيعيد الحق لأصحابه ، وحتى التحركات البطولية التي يقوم بها الجيش الوطني في مختلف الجبهات ، واحراز انتصارات على الانقلابيين ، تواجه بخذلان كبير من الحكومة والتحالف ، ما حمل كثير من اليمنيين ؛ ناهيك عن المهتمين الاقليميين والدوليين ؛ يذهبون إلى اليقين بأن الحكومة والتحالف يرغبون في تطويل أمد الحرب ، وزيادة وطأتها على اليمنيين ، وإنهاك أولئك الأبطال الذين رفضوا الانقلاب ووقفوا مع الشرعية ، ليسهل على الانقلابيين كسرهم ، ولعل التعامل السلبي الذي تعاملت به الحكومة والتحالف مع أبناء تعز على مدار عامين كاملين خير دليل على تخليهم عن مناصريهم ، وتقديمهم قربانا للانقلابيين ، علهم يفوزون برضى المجتمع الدولي ، أو يبقون على خيوط قرابة مع نظام قديم كانت لهم فيه صولة وجولة.
لم تكن الحكومة الشرعية للأسف الشديد على قدر كبير من المسئولية ، عندما تحملت تبعات الحرب على الانقلابيين ، إذ كانت تلهث وراء آمال كانت ترغب في تحقيقها ؛ وهي مستلقية على فرش حريرية في قصور الرياض ، نعم صنعت جيشا من العدم ، وعملت على تدريبه وتسليحه ، لكنها لم تستغله في إحراز نصر كانوا قادرين على إحرازه لو تكاتف السياسيون مع العسكريين ، وطالما خذلوا ذلك الجيش ومعه المقاومة الجبارة التي وقفت أمام الصلف الانقلابي بأسلحتها المتواضعة ، والتي تمنعت الحكومة عن إمداد كثير منهم بالأسلحة النوعية ، لخوض معركة الحكومة نفسها ، وهاهي المقاومة والجيش في تعز مثلا ؛ يسمعون من الحكومة جعجعة ولايرون طحينا ، وكلما تقدم الجيش في موقع من المواقع يسارع هادي في الاتصال بهم للمباركة لهم على النصر ، وكأن مهمته تقتصر على ذلك وحسب.
وهكذا تطالعنا كل يوم صحف هادي تبشرنا باقتراب الحسم ، وتشعل في قلوب اليمنيين الشوق لاكتمال التحرير وإنهاء المعارك ، فتعز وحدها كان لها نصيب كبير من تصريحات هادي وحكومته ومستشاريه بمدهم بالسلاح والجيش لإنهاء المعاناة عن المدنيين ، لكننا وحتى اليوم لم نشهد شيئا من ذلك.
ولحسم المعركة الأخيرة حشد المخلوع صالح والحوثيون حشودا ضخمة لاستئصال شأفة تعز ومحوها من الخارطة اليمنية ، فوصلت الحشود إلى كل جبهات تعز ، شرقها وغربها ، وشمالها وجنوبها ، وأصبح الحصار على المدينة مطبقا عليها من كل الجهات ، حتى المدخل الوحيد الذي كان الناس يتخذونه للدخول أو الخروج من المدينة أصبح مغلقا ، وأصبحت التباب المطلة على تعز والمشرفة على المدينة وضواحيها تحت رحمة دبابات ومدافع الانقلابيين ، لكن حشود هادي لم تصل بعد ، مع أنها لو تحركت من عدن زحفا على صدورها لوصلت تعز قبل أسابيع .
للأسف الشديد الحكومة الشرعية والتحالف العربي أصبحوا يرقبون من بعيد الجيش والمقاومة الشعبية وانتصاراتهم ، فأينما أحرزوا نصرا سارعوا في نسبته إليهم ، والتغني بنجاحاتهم ، انتصرت مقاومة تعز فانتشت الحكومة والتحالف بهذا النصر ، وتقدم الجيش والمقاومة في مأرب فتغنت الحكومة والتحالف بهذا التقدم ، وكأنهم يسيرون بلا خطة ولاتكتيك.
في اعتقادي الفرصة الأخيرة للحكومة الشرعية قد حانت ، وبوادر الحسم تتلألأ براقة في سماء الحرية ، والطريق أصبح معبدا ليس إلى تعز أو الحديدة وحسب وإنما إلى كل قرية ومدينة في أرض اليمن ، فالقهر والجور والظلم والاستعباد الذي ساس به الانقلابيون المحافظات التي لازالت تحت سيطرتهم يعجل بنهايتهم ، وأصبح الجميع يتطلع لمنقذ ينتشلهم من وطأة كابوس مفزع ، إلى جانب الموقف الدولي الرافض لتشكيل حكومة من جانب واحد ، وما لم تستغل الحكومة هذه الفرصة فإن شكوك المراقبين ومخاوفهم من غتيات وأهداف الحكومة تكون مشروعة .
وتبقى تعز في سباق مع الزمن ، وتبقى حشود الانقلابيين من حرس ومليشيات وحشد شعبي محاولة حثيثة لإسقاطها وإخضاعها بالقوة ، أو حتى استعادة المواقع التي سلبت منهم في الأيام الأخيرة ، وتبقى وعود دعم المقاومين من قبل حكومة هادي والتحالف آمالا يتطلع الجميع لتحقيقها ، وبين الحشد والوعود يسقط العشرات والمئات من الأطفال والنساء والشيوخ ، دون أن يجدوا من ينقذهم من جبروت وحقد الانقلابيين.
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين