شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
محمد اللطيفي
بالتزامن مع الانتفاضة الشعبية ضد النظام الإيراني، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة (19/11/2022) قرارا يدين "انتهاكات حقوق الإنسان في إيران. وقد حصل القرار على أغلبية (78) صوتا مقابل (31) ضده، مع امتناع (69) عن التصويت.
ومع ذلك فإن عملية التصويت أفصحت عن انقسام في الموقف العربي، حيث صوتت السعودية واليمن والمغرب لصالح قرار إدانة إيران، بينما رفضت لبنان وسوريا والعراق وسوريا وعمان، مع امتناع الإمارات وقطر والكويت ومصر خمس دول أخرى عن التصويت. ما فتح استفهامات كثيرة حول قصة التهديد الذي تشكل إيران على الأمن القومي العربي.
خارطة التصويت أظهرت بعدا خطيرا مفاده؛ أن الخلاف مع طهران، لم يصل بعد إلى مستوى يكون فيه صراعا عربيا إيرانيا، بل لا يزال سعوديا إيرانيا. فعمليا هناك دولتان عربيتان صوتتا مع السعودية لصالح قرار الإدانة، بينما رفضته خمس دول عربية، وامتنعت تسع أخرى عن التصويت. وبما أن عدم التصويت يذهب ضد قرار الإدانة، فإن الدول العربية من حيث الموقف صوتت لصالح إيران، ما يعني على المستوى الدبلوماسي العالمي، أن طهران لم تصل بعد لدرجة أنها تشكل خطرا على ما يسمى "الأمن القومي العربي”.
حتى على مستوى الخليج، أفصح القرار ليس فقط عن أن الدول الخليجية منقسمة حول الخطر الإيراني على الأمن الخليجي، حيث كان طبيعيا أن تصوت سلطنة عمان ضد القرار، إلا أن امتناع الإمارات عن التصويت، يؤكد أنه حتى الدولتان المنخرطتان في تحالف ضد مليشيات إيران في اليمن؛ الحوثي، وهما الرياض وأبوظبي لا تتفقان على أن طهران تشكل خطرا على أمنهما القومي المشترك.
عمليا؛ انتصرت طهران في المعركة الحقوقية على المستوى الإقليمي، فالإنقسام العربي-العربي، والخليجي-الخليجي، ثم الخلاف السعودي-الإماراتي، حول خطورة انتهاكات إيران على حقوق الإنسان، أضاع فرصة كبيرة للعرب في وضع طهران داخل قائمة الدول المنبوذة إقليميا وعالميا.
ما يمكن فهمه، أنه وإضافة لكونها منتهكة للحقوق والحريات، فإن الدول العربية لديها عقدة من ثورات الشعوب، ولا تزال فوبيا الربيع العربي تسكن عقلية الأنظمة العربية، لدرجة أنها تتخوف من أن تصويتها لصالح قرار يدين انتهاكات إيران، يعني تأييدا لثورات الشعوب التي تحكمها. حيث يتخوف الحكام العرب من نجاح الانتفاضات الإيرانية أكثر من النظام الإيراني نفسه، فهم يعتقدون أن تداعيات تلك الاحتجاجات قد تصل إلى المنطقة العربية، وربما تهدد أنظمتها بالسقوط.
بميزان الساسة العرب، تعد إيران خطرا على الأمن القومي العربي، إلا أن خطرها؛ بالنسبة لهم، أقل تأثيرا من خطر توق الشعب الإيراني للحرية. ولهذا السبب يمكن فهم لماذا بدا موقف أغلب الدول العربية لصالح إيران؟ ليس ولاء للنظام الإيراني؛ مع أن بعضها موال له، بل توجسا من الشعب الإيراني، وتخوفا من حريته، وبالتالي من حرية الشعوب العربية، وهذا ما يجمع بين الخصوم؛ إيران والعرب.
هذا الخلل في موقف أغلب الدول العربية من انتهاكات إيران لحقوق الإنسان، سيعود إيجابا على حلفائها في اليمن. فالسعودية التي لم تستطع حشد موقف موحد معها ضد إيران حقوقيا، لن تملك القدرة على جمع تلك الدول العربية على موقف موحد ضد خطورة مليشيا الحوثي. ولذا رأينا أن الدول العربية لم تتفق في قمة الجزائر حتى على إدانة واضحة لهجمات مليشيا الحوثي، فضلا عن مسألة تصنيفها منظمة إرهابية، كما هي رغبة اليمن؛ المتضرر الرئيسي من مليشيا الحوثي.
في هذا السياق، فإن مليشيا الحوثي ستظل محافظة على موقفها المتقدم عسكريا ودبلوماسيا، خصوصا وأن السلطة الممثلة لليمن؛ مجلس القيادة، فاقدة للاستقلالية التي تؤهلها لاتخاذ موقف جاد وحازم ضد الحوثيين، فضلا عن موقف ضد إيران. فالموقف اليمني يحتاج أولا استعادة "السيادة اليمنية"، وهذا يعني ضرورة التفكير خارج "الصندوق السعودي"، حيث تؤكد كل الوقائع، أنه لا يمكن التوقع من الرياض أي نتائج إيجابية عملية، تعود نفعا على اليمنيين؛ فيما يتعلق ببناء دولة موحدة ومستقرة.
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين