The Yemen Logo

الربيع العربي في دوامة موته.. لماذا على الغرب أن يهتم؟!

الربيع العربي في دوامة موته.. لماذا على الغرب أن يهتم؟!

ترجمة خاصة - 03:18 08/06/2023

ترجمة وتحرير وحدة الترجمة "اليمن نت"

نشرت مجلة ذا اتلانتك الأمريكية الشهيرة تحليلاً عن الربيع العربي، ومدى اهتمام الغرب بنجاح النضال الديمقراطي لهذه الدول.

وكتبت التحليل كيم غطاس وهي كاتبة ومعلقة سياسية تكتب في شؤون المنطقة العربية.

وقالت غطاس متحدثة عن الربيع العربي: كانت تونس هي الأفضل، والسودان الأمل الأخير، وسوريا الأكثر دموية. لافتة إلى أن البلدان التي أثارت التفاؤل منذ وقت ليس ببعيد بموجة ديمقراطية في العالم العربي انزلقت الآن إلى الديكتاتورية، ولا ينبغي لواشنطن أن تتجاهل هذا الاستبداد.

وينشر "اليمن نت" ترجمة لهذا التحليل إلى العربية:

جلبت الأشهر القليلة الماضية اليأس لملايين العرب وهم يشاهدون العودة السريعة والنهائية للأنظمة الدكتاتورية القديمة في جميع أنحاء المنطقة، التي كانت مليئة بالآمال والوعود قبل وقت ليس بقصير. لقد تم التنبؤ بنهاية الربيع العربي عدة مرات بالفعل. الآن تم سحق آخر براعمه العنيدة.

تونس، البلد الذي بدأ موجة الانتفاضات الديمقراطية في ديسمبر 2010، قُدمت لأكثر من عقد من الزمان كنموذج للدول الأخرى التي تفكر في الانتقال من الديكتاتورية إلى الديمقراطية. والآن تنزلق هذه الدولة مرة أخرى نحو الاستبداد، حيث يبدو أن الرئيس قيس سعيد، الذي انتخب في عام 2019، يتفوق على ديكتاتور البلاد السابق، زين العابدين بن علي، في القمع. فمنذ توليه منصبه، فرض سعيد نظام الطوارئ، وعلق عمل البرلمان، وأعاد كتابة دستور البلاد. في الأشهر الأخيرة، قام بقمع أي نفحة من الانتقادات لحكمه من خلال اعتقال الصحفيين والقادة النقابيين والسياسيين.

وفي عام2019 أنهت حركة الاحتجاج الطويلة، التي قادتها النساء في الغالب، ديكتاتورية عمر البشير التي استمرت عقدين من الزمن. وأصبحت امرأة تبلغ من العمر 22 عاما تدعى علاء صلاح، تقف فوق سيارة، ترتدي ملابس بيضاء مع أقراط ذهبية كبيرة وتقود الرجال في هتاف عن الحرية، أيقونة تلك الثورة الديمقراطية. لكن في الشهر الماضي، خاض اثنان من الجنرالات الذين ساعدوا في الإطاحة بالبشير حربا ضد بعضهم البعض في معركة شاملة للسيطرة على الخرطوم. وأسفر الصراع بالفعل عن مقتل أكثر من 500 شخص ودفع عشرات الآلاف إلى الفرار من العاصمة ولا يبدو أن هناك نهاية قريبة لهذه المعركة.

ثم هناك سوريا، التي كانت ثورتها الأكثر دموية على الإطلاق. على مدى 10 سنوات، تجنب قادة العالم الرئيس بشار الأسد لقمعه الوحشي لما بدأ كانتفاضة سلمية في مارس 2011 وثم أصبح حمام دم قُتل فيه 500 ألف سوري، ما يقدر بنحو 90 في المائة منهم  قتلوا على يد نظام الأسد وحلفائه، إيران وروسيا. الأسد، الذي استخدم أيضا الأسلحة الكيميائية ضد شعبه، خرج الآن من العزلة، على الأقل في العالم العربي. وقد لجأ إليه جيرانه للمساعدة في حل مجموعة من المشاكل التي خلقها هو بنفسه، مثل التدفقات الضخمة من اللاجئين والتجارة المربحة في الأمفيتامين الاصطناعي شديد الإدمان المسمى الكبتاغون، والذي يتم إنتاجه في سوريا تحت سيطرة عائلة الأسد.

عودة الاستبداد سيكون له تداعيات على الغرب

لقد تعاملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة مع الشرق الأوسط كقضية خاسرة، ومكان لا يمكن إصلاحه إلا بالقوة أو تجاهله. ووصف الرئيس الأسبق باراك أوباما الصراع في المنطقة بأنه "متجذر في صراع يعود إلى آلاف السنين"، ويشير إلى أنه كان حالة حتمية وأبدية. مثل هذا النهج يخاطر ببقاء واشنطن عمياء عن مكانة المنطقة في المشهد العالمي الأكبر التي يحب الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، التحدث عنها على أنها منافسة عالمية بين القوى الديمقراطية والقوى الاستبدادية. في الشرق الأوسط، يعود الجانب الاستبدادي بقوة. ما يحدث هناك (في الشرق الأوسط) سيكون له تداعيات على الغرب، سواء في الحرب في أوكرانيا أو المواجهة مع إيران.

كان مشهد الأسد وهو يسير على السجادة الحمراء إلى اجتماع جامعة الدول العربية في جدة، السعودية، الشهر الماضي مقلقا بشكل خاص - ليس فقط لأنه يجب أن يمثل بدلا من ذلك للمحاكمة في محكمة دولية، ولكن أيضا بسبب ما أشارت إليه هذه اللحظة لمن هم خارج الحدود السورية. لا يزال الديكتاتور السوري صامدا إلى حد كبير بسبب تدخل فلاديمير بوتين العسكري في سوريا عام 2015 لدعم النظام. في ذلك الوقت، كان رد فعل واشنطن بلا مبالاة نسبية، إن لم يكن الرضا: سوريا ستكون مشكلة شخص آخر، حتى أن روسيا قد تغرق في المستنقع هناك!. وقد سلط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الضوء مؤخرا على هذا الرأي باعتباره سوء تقدير فادح من قبل الغرب.

وقال زيلينسكي في خطاب ألقاه في مارس: "لم يتلق الشعب السوري أي حماية دولية كافية، وهذا أعطى الكرملين والمتواطئين معه شعورا بالإفلات من العقاب". "كانت القنابل الروسية تدمر المدن السورية بنفس الطريقة التي تدمر بها مدننا الأوكرانية. يلعب هذا الإفلات من العقاب جزءاً كبيراً في عدوانية الكرملين الحالية".
ويقول مسؤولون عرب التقوا الأسد في الآونة الأخيرة إنه لم يبد أي ندم أو استعداد لتقديم تنازلات. إنه يشعر بأن ما قام به مبرر، وخلق شعوره بالنصر الذيسيعطي الراحة لروسيا وإيران التي تساعد بوتين بالطائرات بدون طيار وغيرها من الدعم العسكري في حربه ضد أوكرانيا. وحتى الآن، تبنت إدارة بايدن موقف عدم التدخل في الغالب تجاه عودة الأسد إلى الحظيرة العربية.

من يتحمل اللوم على إخفاق الربيع؟

تتقاسم الدول الغربية تحمل اللوم عن الإخفاقات في سوريا والسودان وتونس. فقد اتخذوا مرارا وتكرارا خيارات سياسية قصيرة النظر ساهمت في عودة المنطقة إلى الاستبداد وجعلتها مكانا أكثر تقبلا لكل من منتهكي حقوق الإنسان وخصوم الغرب الاستراتيجيين. في السودان، ركزت الولايات المتحدة ودول أخرى جهودها على الوساطة بين الجنرالين المتحاربين، عبد الفتاح البرهان ومحمد حمدان دقلو. وكما كتب المسؤول السابق في وزارة الخارجية جيفري فيلتمان في مقال رأي لاذع في صحيفة واشنطن بوست: "لقد استرضنا واستوعبنا أمراء الحرب بشكل غريزي. كنا نعتبر أنفسنا براغماتيين (واقعيين). ويشير الإدراك المتأخر إلى أن التفكير السياسي بالتمني هو وصف أكثر دقة ".

ويمكن قول الشيء نفسه عن تعاملات واشنطن مع رجال أقوياء آخرين في المنطقة، بما في ذلك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (الذي يقال إنه استكشف إمكانية تزويد روسيا بمعدات عسكرية)، أو عن تعاملات الاتحاد الأوروبي مع سعيّد في تونس. واقترب القادة الأوروبيون من سعيد، معتمدين عليه للمساعدة في وقف تدفق اللاجئين من أفريقيا إلى أوروبا. وبدلا من ذلك، دفع المزيد من الناس إلى الفرار عبر البحر الأبيض المتوسط بمواقفه اليمينية المتطرفة المعادية للأجانب بشأن المهاجرين والأفارقة، حتى في الوقت الذي تقود فيه سياساته الاقتصادية تونس إلى أزمة.

لطالما كان الاستقرار الذي يوفره هؤلاء القادة وهما ومؤقتا. وقد أثبت اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في جميع أنحاء الشرق الأوسط في عام 2011، والذي أطاح بأصدقاء الغرب مثل حسني مبارك في مصر وبن علي في تونس، حيث أن "القمع المطلوب للسيطرة على السكان الساخطين غير مستدام في ذلك الوقت ولا يزال كذلك حتى اليوم".

 في مصر، أدى إنفاق السيسي المتهور على المدن الخيالية المصابة بجنون العظمة في الصحراء وغيرها من مشاريع غريبة. جنبا إلى جنب مع الفساد وعدم الكفاءة، إلى جعل البلاد قريبة من التخلف عن سداد ديونها. حيث ينصح المسؤولون الحكوميون الشعب المصري بأكل أقدام الدجاج إذا كانوا لا يستطيعون شراء الدجاج، في حين يحتجز النظام حوالي 60,000 معتقل سياسي في السجن.

وحتى في الخليج، الذي يشهد طفرة نفطية، لا يمكن إسكات السخط إلى الأبد: فقد انخفضت بطالة الشباب في السعودية لكنها لا تزال أقل بقليل من 30 في المائة، وأصبحت البطالة في الإمارات مصدر قلق كبير.

لايمكن الحكم بالفشل

فماذا الآن عن تطلعات ملايين العرب، الذين طالبوا ذات يوم بإسقاط أنظمتهم؟ حتى قبل عامين فقط، كان هناك بعض الزخم – في السودان، وأيضا في بلدان مثل لبنان والعراق، حيث طبقت مجموعة جديدة من الناشطين دروس عام 2011 ونظموا أنفسهم للترشح للانتخابات لكن جهودهم كانت ضئيلة أو تم قمعها بعنف، ولم تترك أي مسار واضح للمضي قدما لدفع متجدد من أجل الديمقراطية في العالم العربي.

يرفض مروان المعشر، الدبلوماسي الأردني السابق والمدافع منذ فترة طويلة عن التعددية والإصلاح في المنطقة، قبول أن هذه المرحلة قد انتهت. وأخبر كاتب هذه المقالة: "لا يمكنك الحكم على العملية من خلال الموجة الأولى أو الثانية من الفشل".

شبه المعشر الثورات العربية بثورات أخرى، بما في ذلك الثورة الفرنسية عام 1789، التي مرت بعدة مراحل: استعادة النظام الملكي، والمزيد من الثورة، وأول نسخة غير مستقرة من جمهورية برلمانية، والتأسيس النهائي للجمهورية الرابعة بعد الحرب العالمية الثانية.

 ويشير المعشر إلى أن الفترة الفاصلة قد تكون فوضوية في الشرق الأوسط المعاصر، لكن التحول لن يستغرق قرنا من الزمان في هذه المجتمعات سريعة التغير: "النظام العربي القديم الذي يعتمد فقط على القوة الغاشمة قد مات، وتحقيق الثروات من طفرة النفط هي علاج قصير الأجل". والأهم من ذلك، كما يقول، أن الناس لم يعودوا خائفين.

صمت الناس مؤقت

وفي تونس، كان راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة، أكبر حزب سياسي في تونس، وأحد أكثر المفكرين تأثيرا وتقدمية في المنطقة، فيما يعرف بالإسلام السياسي يتبنى أيضا وجهة نظر بعيدة المدى. إذ أمضى سنوات في السجن في تونس خلال ثمانينيات القرن العشرين، تليها عقود في المنفى في المملكة المتحدة. بعد ثورة 2011، عاد الغنوشي إلى تونس ودخل السياسة. في عام 2016، كتب مقالا تاريخيا في مجلة فورين أفيرز جادل فيه بأن الديمقراطية أفضل نظام متاح متوافق مع الإسلام أو الأقل سوءاً. وحث إخوانه المسلمين على رفض مصطلح الإسلاميين وتبني "ديمقراطي مسلم" بدلاً من ذلك.

وفي نهاية أبريل الماضي، اعتقل الغنوشي بتهم ملفقة تتعلق بالفساد والإرهاب. وفي مايو، حكم عليه بالسجن لمدة عام.

في عام 2013، قال الغنوشي لمجلة "ذا نيويوركر" إن "علاج الديمقراطية الفاشلة هو المزيد من الديمقراطية" معلقاً عندما قُتل مئات الأشخاص بسبب احتجاجهم على الانقلاب في مصر. وفي مقطع فيديو تم تسجيله قبل اعتقاله مباشرة، حثّ على الصبر قائلا "ثقوا بأنفسكم، توكلوا على الله، ثقوا بمبادئ ثورتكم، الديمقراطية ليست شيئًا عابرًا في تونس، إنها تحوّل سيسلط الضوء أيضًا على بقية العالم العربي".

كما أن مطالب الربيع العربي ليست شيئا عابرا. لا يزال ملايين الشباب في جميع أنحاء الشرق الأوسط يتوقون إلى العدالة والكرامة وسيادة القانون والحكم الرشيد والوظائف. وعندما تتحدث واشنطن عن مواضيع النضال الديمقراطي ضد القوى الاستبدادية في جميع أنحاء العالم بينما تتجاهل في الغالب الانتهاكات في المنطقة، فإن كلماتها لا تبدو جوفاء وكاذبة فحسب، بل إن التناقض يقوض جهود هذا النضال الديمقراطي برمته.

لا أحد يريد العودة إلى أجندة الحرية المنمقة لإدارة جورج دبليو بوش، ولكن يجب على إدارة بايدن إعادة التفكير في كيفية تناسب الشرق الأوسط مع الصراع الأوسع لمواجهة الاستبداد. قد يبدو النظام الاستبدادي الجديد في الشرق الأوسط مناسبا للولايات المتحدة في الوقت الحالي، لكن صمت الناس مؤقت فقط.

المصدر ذا اتلانتك

كيم غطاس كاتبة مساهمة في The Atlantic ومقدمة البودكاست People Like Us

انشر الخبر :

اخر الأخبار

أوضحت أن عدد المهاجرين الذين يدخلون اليمن عبر ساحل لحج انخفض إلى (548) بنسبة 76 في المائة منذ الشهر الماضي (2249).

شاشة البث الحي للمزاد أظهرت تنافس 131 مزايدا على اقتناء القطع الأثرية اليمنية، هوياتهم غير ظاهرة ولا معروفة،

غرد البوسعيدي ، قائلا: “التأكيد مجددا على أهمية دعم كافة الجهود نحو تحقيق تسوية سياسية شاملة، وتشجيع المبادرات الإنسانية”.

يحذّر من أن تراجع نسبة الذكور بشكل عام يهدد "خلال الأعوام المقبلة بانقراض الذكور من السلاحف البحرية".

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram