شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
التطورات الدراماتيكية التي أبدتها مليشيات الحوثي مؤخرا في ساحة المعركة مع السعودية ربما أيقظت المملكة من سباتها الذي ظلت تغط فيه طوال ثلاث سنين، فالفترة الممتدة منذ انطلاق عاصفة الحزم وحتى اليوم لم يكن للمملكة أي دور يذكر في المعركة، مع أن الهدف الحقيقي المقصود من إقامة التحالف العربي وانطلاق عاصفة الحزم هو تأمين حدودها الجنوبية، ومع ذلك فقد ظلت بعيدة عنها، أو بالأصح مبعدة عنها، وفق مخطط انتقامي آثم تقوده الدولة التي حسبتها وتحسبها إلى اليوم أنها حليفة ومنقذة لها، وهي الإمارات العربية المتحدة.
كان بمقدور المملكة ومعها التحالف العربي لو تسلمت هي القيادة الميدانية أن تقضي على ذراع إيران في اليمن في مهده من أول وهلة، لكنها ركنت على حليفتها الإمارات، واستسلمت لمخططاتها، فتفاقمت الأوضاع، وكادت إيران أن تستولي على بقعة أرض في حدود المملكة الجنوبية.
استطاعت الإمارات لعب دور المتضامن مع المملكة، وأجادت فن التخفي بامتياز، فبينما تتحالف مع المملكة في الظاهر، تتحالف في السر مع أعدائها، وتسعى مع حلفائها السريين للإطاحة بها والنيل منها، والقضاء على دورها في المنطقة والإقليم، وتحويلها إلى تابع لها، وهو ما نجحت فيه بشكل غير مسبوق مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان.
فإلى وقت قريب كانت الإمارات تتخذ من المملكة العدو الأول في المنطقة، وكان الملوك والأمراء السعوديون السابقون يعلمون ذلك، لكنهم كانوا أقوى من أن تؤثر فيهم دولة غرة كالإمارات، غير أن تقلبات الزمن جعل من الإمارات في وقت قصير اللاعب الأساس في سياسة المملكة، فاستطاعت على أكتاف الأمير الشاب الطامح في الملك أن تشق طريقها لتصل إلى قمة هرم صنع القرار السعودي، وتوجيهه لتنفيذ مخططاتها الانتقامية.
كان كثير من السياسيين ورجال الدين السعوديين يعلمون بالمخطط الانتقامي الذي تحيكه الإمارات للسعودية، ومتيقنين أيضا أن الدولة التي تناست جزرها المحتلة من إيران مقابل صفقات تجارية بينهما لايمكن أن تتحالف مع السعودية في حربها على إيران.
كانوا يعلمون أن الإمارات التي تدفع بالسعودية في حربها مع إيران منغمسة في قداح ملالي إيران من رأسها إلى أخمص قدميها، وأن اقتصادها يدار بالمال الإيراني، وأنها كانت طوق النجاة لإيران أثناء الحصار الاقتصادي عليها، وهي من لعب دور الوسيط بين إيران والغرب لرفع الحصار الاقتصادي عنها، وأنها وأثناء تخالفها مع المملكة في حربها مع إيران سلمت لإيران مايقارب خمسة مليارات دولار تحت يافطة مستحقات متأخرة على شركة إماراتية.
كان الجميع يعلم أن أمرا ما يحاك في العتمة لاتدري عنه المملكة، وما أكثر الأمور التي حيكت وتحاك ضد المملكة ولاتدري عنها شيئا، ومن حليفتها المقربة، التي منحتها الصلاحية المطلقة في تسيير شئونها، سلما وحربا، وأحقية تصنيف السعوديين مناصرين ومتمردين، غير أن الإدارة السعودية كانت ولاتزال ترى في الإمارات المنقذ والمخلص لها في معركتها مع إيران.
لكنهم عجزوا عن أن يعيدوا الأمير الشاب إلى رشده، أو ربما تخوفوا من توضيح حقيقة المخطط الإماراتي القاضي بتمهيد الطريق للسيطرة الإيرانية على الأراضي السعودية، فالرجل كان مشدودا بشكل أقوى للإماراتيين، ومكبلا بحبالهم التي حبكوها بقوة علاقتهم مع الإمريكان.
ولما جاءتهم الجرأة للاعتراض، وسنحت لهم الفرصة للقول، استبقت الإمارات بالوشاية بهم لدى الأمير الشاب فملأ بهم معتقلاته.
والسؤال الذي يطرح نفسه أيعقل من الإمارات التي تربطها بإيران علاقات استراتيجية سياسية واقتصادية يفاخر بها قادتها أن تكون شريكا مع المملكة في حربها على إيران؟
لو أن ثمة صحوة لدى القيادة السعودية لعلموا من خلال حربهم مع الحوثيين ذراع إيران في اليمن حقيقة المشاركة الإماراتية في التحالف العربي، ولاكتشفوا المؤامرة الإماراتية بجلاء.
فقد لعبت الإمارات في الحرب مع الحوثيين دورا مفضوحا للجميع، لكنه لم يكن كذلك لدى ابن سلمان، فبينما كانت تتظاهر بالمشاركة في المعركة، وتتحمس للقضاء على ذراع إيران في اليمن، تفتح خيوط تواصل وتنسيق معهم سرا، وتقدم لهم الدعم المادي واللوجستي للاستقواء بها في معركتهم مع المملكة.
وأكثر من ذلك، فكلما كانت معركة الشرعية تتجه نحو الحسم، كانت التوجيهات الإماراتية تصدر بالتراجع، وكلما كان الجيش الوطني يشكل حائطا منيعا في الحدود السعودية الجنوبية ويكبد الحوثيين خسائر كبيرة، ينبش الإماراتيون نتن الفوضى في الجنوب، ويثيرون نعرة الانفصال، ليشغلوا الجيش والتحالف والشرعية عن مواصلة تطهير الحدود، ويتيحون الفرصة للحوثيين بالتقدم صوب المملكة.
وحتى الطيران الذي كانت الإمارات تتحكم في طلعاته؛ كانت صواريخه موجهة إما لقصف المعسكرات الخالية، أو المناطق المأهولة بالسكان، أو جبهات الجيش الوطني التي يحرز فيها تقدما، في الوقت الذي تصل الحوثيين معلومات دقيقة بزمان ومكان قصف الطائرات على مواقعهم، كل ذلك لإظهار الوجه الإجرامي للمملكة، وتحميلها تبعات الأخطاء الفادحة.
وماكان للمليشيات الحوثية إمتلاك الصاروخ البالستي الذي دك العاصمة السعودية، ولا القدرة العسكرية على التعامل مع هكذا سلاح، لولا أن الدولة الحليفة للسعودية المشرفة من قبل التحالف على خطوط الملاحة في البحر الأحمر قدمت التسهيلات للحوثيين للتزود بها، وتهريب متعلقاتها، وهل لدى الحوثيين طريق آمن للتزود بالأسلحة الإيرانية إلا عبر البحر الأحمر؟
هذه هي الإمارات، تتحالف مع السعودية لا لحمايتها وإنما للنيل منها، وأي عون يرجى من دولة تدار سياسيا واقتصاديا وعسكريا بأياد إيرانية؟!
في تقديري بدأت القيادة السعودية بعد الصاروخ الإيراني الحوثي الذي دك الرياض بالاستيقاض من سباتهم، وأخذوا يعيدون حساباتهم في رؤيتهم للحرب في اليمن، وأصبحوا بعده على يقين أن معركتهم في اليمن إنما هي معركة ضد إيران، ولزاما عليهم أن ينتصروا فيها، ويقطعوا دابر الإيرانيين في المنطقة، وهو ما كان منتظرا منهم من أول انطلاقة العاصفة، غير أن ذلك يستلزم أن تتولى المملكة الحق الحصري في قيادة المعركة، تخطيطا وإشرافا وتنفيذا، أما إذا ظلت على نفس المخطط المرسوم من قبل الإماراتيين، فإنهم بالتأكيد سيتفاجأون بالحرس الثوري الإيراني ذات يوم ينقض عليهم في غرف نومهم، وهذا مالا أحد يرجوه.
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين