شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
تسير الأحداث في العالم بوتيرة متسارعة للغاية؛ حيث تجد واشنطن نفسها مجبرة على إعادة تعريف نمط قيادتها للعالم، بينما تتغير التحالفات بين الدول، لدرجة يمكن الشك فيها بأن النظام الدولي لا يزال يحكم بنظام "القطب الواحد"، كما أنه من الصعب القول أن محاولة روسيا إعادة العالم إلى شكل "ثنائي القطب" ستنتهي بالنجاح.
لقد فقدت واشنطن قدرتها على إدارة معادلة "توازن القوى"، حيث أن "الفوضى" التي يحكم بها البيت الأبيض العالم لم تعد "خلاقة". وهو ما يمكن ملاحظته في طريقة تعامل "إدارة بايدن" مع مشكلات عالمية؛ مثل: الأزمة الروسية-الأوكرانية. وحتى مع مشكلات إقليمية مؤثرة في مسار السلام العالمي؛ مثل: الأزمة اليمنية.
هذا لا يعني أن واشنطن لم تعد قادرة على إدارة العالم، و إنما لم يعد باستطاعتها التحكم به عن طريق ما يعرف بـ"توازن القوى" أو "الفوضى الخلاقة". وهو ما حدى بالمفكر الفرنسي، برتران بادي، اقتراح فكرة "توازن الثقة"؛ خلال حوار مع "الشرق الأوسط". فالعالم؛ بنظره، اتجه إلى مرحلة يصعب فيها عودته كما كان؛ وهو ما حاول تفصيله في كتاب نشر في (نوفمبر 2022).
بتقديري، يمكن النظر إلى اليمن؛ كمثال، لصحة ما سبق، فالأزمة التي نشبت فيها قبل ثمان سنوات، كانت من أهم أسباب إطالة أمدها، الطرق التي عالج بها ما يعرف بـالمجتمع الدولي تلك الأزمة. حيث اعتمدت كل المبادرات الأممية لحل الأزمة اليمنية على نظريتي "الفوضى الخلاقة" و"توازن القوى"، بدلا من الاستناد إلى قرارات مجلس الأمن التي مثلت حلا واقعيا للقضية اليمنية.
ولم تعد الدوائر التحليلية الدولية، تنكر أن أساليب الحل المعتمدة عالميا في اليمن، فقدت فاعليتها، وفشلت في إحداث نتائج عملية تنجز سلما حقيقيا لبلد تتسع فيه خارطة التشظي السياسي. إلا أن المسؤولين الدوليين؛ الأمريكيين خصوصا، مع اعترافهم بعجز الطرق الفوضوية للحل في اليمن، يحاولون رمي أسباب الفشل على الأطراف المحلية التي هي في الأساس إحدى نتائج "الفوضى الأمريكية الخلاقة" في اليمن.
فلم يكن انقلاب سبتمبر (2014)، سوى نتيجة لدعم واشنطن وغيرها من العواصم الدول الكبرى لسياسة إشراك الحوثيين في مؤتمر الحوار الوطني، بهدف تحويله إلى كيان سياسي. ولم تكن الفوضى التي صنعها التحالف السعودي الإماراتي في غرب وجنوب وشرق اليمن، سوى نتيجة لسياسة توازن القوى التي ترغب بترسيخها واشنطن في المنطقة؛ ومنها اليمن.
وكعادة كل الأزمات التي ترعى وضع حلول لها واشنطن، تنفرط خيوط الحلول، لتقطفها دول أخرى؛ كإيران. ثم تتجه واشنطن لمعالجة النتائج الكارثية، بنفس الأدوات التي صنعت المشكلة. وهذا ما يمكن ملاحظته من الطريقة التي عالجت بها إدارة بايدن، فشل السعودية في الحرب العسكرية التي شنت برعاية أمريكية على الحوثيين، نهاية مارس (2015).
لقد دعمت واشنطن مسارين؛ الأول رعته الأمم المتحدة وتمثل بهدنة طويلة ابتدأت مطلع أبريل (2022). والمسار الثاني رعته السعودية عبر إنهاء الشرعية اليمنية بإسقاط سلطة هادي وفرض مجلس قيادي مكون من زعماء كيانات مسلحة برئاسة رشاد العليمي.
لم يحل عام (2023)، حتى ثبت أن المسارين كارثيين على اليمن، فالهدنة منحت سلطة مليشيا الحوثي المزيد من الامتيازات، بينما أدى تأسيس المجلس الرئاسي إلى توسيع مساحة التشظي السياسي في اليمن.
ما هو واضح أنه إذا كان العالم؛ كما يذهب، برتران بادي، لن يعود كما كان، وأنه يلزم؛ بنظره، من واشنطن ابتكار سياسيات جديدة لإدارة العالم. فإن اليمن أيضا لن يعود كما سبق، وهو ما يستلزم بالضرورة تغيير السياسات المتبعة دوليا، والهادفة لبناء تسوية سياسة فيه. فلا يمكن لسلام أن ينشأ عبر فوضى الحلول التي ترضى الأطراف الإقليمية، وتمكن المليشيات، وتلغي إرادة الشعب. اليمن باختصار لا يحتاج لسلام يؤجل الصراعات، بل لقوة ترسي السلام المستدام.
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين