لا يتوقف الغضب الإماراتي من مفاوضات السعودية مع الحوثيين
لا يملك "المجلس الانتقالي الجنوبي" حق تقرير مصيره حتى يتحدث عن الجنوب الذي يقدّم نفسه ممثلا وحيدا له مع أن تمثيله لا يتعدى مناطق جغرافية معينة والأهم من هذا أنه مجرد أداة بيد الإمارات تحركها متى تشاء لتحقيق أهدافها.
وفي كل مرة يبرر فيها المجلس تحركاته ضد السلطة الشرعية كما هو حاصل هذه الأيام في عدن وشبوة بأنها تهدف لمحاربة فساد الحكومة وصولا لإسقاطها يثبت لمؤيديه قبل معارضيه أن الممول الإماراتي طلب منه ذلك في إطار ابتزازه للشرعية وهو استخدم شعارات مضللة للتحرك في هذا التوقيت ثم يخلد للراحة بعد انتهاء المهمة.
لم يكن المجلس وليد نضالات وتضحيات الشارع الجنوبي كالحراك قبل تشرذمه إلى كيانات متخاصمة ولا تطور طبيعي للحراك نفسه، وإنما كيان سياسي أسسته أبو ظبي لحاجتها له في الجنوب لتمرير أجنداتها ومحاربة الشرعية متى ما تريد.
وكما هو معروف فقد تأسس المجلس في مايو ٢٠١٧ كرد فعل انتقامي عقب قرار الرئيس إقالة عيدروس الزبيدي من قيادة عدن وهاني بن بريك من منصبه كوزير دولة بعد فشلهما، أي أن الهدف الطمع في الحصول على مصالح شخصية مرة أخرى، لكن هذا الدافع لم يكن كافيا لإعلان هذا الكيان من دون دعم خارجي.
وهذا الدعم هو من الإمارات ولم يعد خافيا ذلك أنها أرادت تشكيل غطاء سياسي لذراعها العسكري ممثلا بقوات "الحزام الأمني" من أجل فرض نفوذها بالجنوب وتقويض الشرعية بأدوات محلية وجنوبية في نفس الوقت كي لا تظهر مباشرة بالصورة لكن هذا الأمر بات مكشوفا ومعروفا للرأي العام اليمني والخارجي بما في ذلك الأمم المتحدة التي وثق خبراء عقوباتها هذه العلاقة أو ما سمّوها "القوات بالوكالة".
وعندما يكون السلاح والراتب منها ناهيك عن الدعم الإعلامي والسياسي فإن من البديهي أن يكون المجلس وكيلا للداعم الخارجي لتحقيق أهدافه باستخدام "القضية الجنوبية" التي أصبحت لافتة لمن يريد منصبا أو مالا، على الأقل من سقطوا باختبار إغراءات السلطة ومنافعها.
ولهذا يلمس الزائر لعدن تغيرا في المزاج الشعبي تجاه المجلس حتى في أوساط الأشخاص الذين كانوا مؤيدين له بعدما خذلهم خلال العام الفائت وتبين لهم أن شعاراته ووعوده مجرد أوهام، وأن قيادته تستغل معاناتهم لمصالحها الشخصية وهي تعيش حياة رفاهية إن بعدن أو في أبو ظبي التي يقيمون فيها أكثر الأيام.
يكفي أن يحاكم المواطن المجلس لوعوده بتحسين الخدمات والتي لم يحقق منها شيئا بل إن بعضهم قال في أكثر من مناسبة ولمِا نحتاج للمحاكمة وقيادة المجلس فاشلة وجربناها بقيادة عدن ولم نر منها أي تغيير في المطالب التي تنتقد الحكومة على التقصير بها.
لقد خسر المجلس الرهان الشعبي وتراجع رصيده الذي اكتبسه عقب ميلاده مع العلم أن هذا الرصيد ليس كبيرا ولا يتجاوز مظاهرة شارع نظم غيره أكبر منها قبل وبعد الثورة وكان القاسم المشترك بينهم هو إدعاء التمثيل والتفويض واحتكار القضية وإقصاء الشركاء وهو ما أدى بهم جميعا للفشل وفقدان ثقة الناس.
كيف يمكن للزبيدي أن يقنع أبناء عدن التي يسكن فيها أنه يشعر بمعاناتهم من انقطاع الكهرباء أو الماء أو تردي الوضع الأمني وأغلب وقته في الإمارات، وحين يعود يقيم بمكان متوفر فيه كل الخدمات ويحظى بالحماية الكافية.
الفراغ الذي تركته حكومة الشرعية بمكوثها طويلا في الرياض بعد تحرير عدن هو الذي شجّع الإماراتيين لتشكيل مليشيات مسلحة وتمكينها من الأرض واليوم باتت تنازعها السلطة وتمنعها من البقاء لفترة طويلة أو مزاولة عملها بحرية في خدمة السكان.
وما تحتاجه اليوم هو تقوية حضورها لا تمديد غيابها، عليها أن تتخذ خطوات شجاعة بإعادة بناء قواتها الأمنية والاستخباراتية لتعمل تحت قيادة واحدة ودعمها بما تحتاجه لتتمكن من مواجهة التشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون وتجبر التحالف على الاختيار بين دعمها أو المتمردين عليها، وهذه هي الطريقة الوحيدة للتخلص من المجلس كمليشيات مسلحة لا ككيان سياسي.
وبقاء المجلس بدون مليشيات لن يدوم طويلا ذلك أنه بمجرد توقف الداعم الخارجي سينتهي كأي حركة لا تستمد قوتها من الجماهير التي تقف معها على الدوام وليس بمظاهرة يتم الحشد لها طويلا في مناسبة معينة.
وثق الإحصاء السنوي للسجون الذي تجريه لجنة حماية الصحفيين وجود 11 صحفيًا سعوديًا في السجن بسبب عملهم اعتبارًا من 1 ديسمبر 2022.
يغرق اليمن وهو أصلًا أفقر دول شبه الجزيرة العربية، بواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.