شدد المسؤول الصحي أنه "يجب دائمًا حماية الرعاية الصحية بموجب القانون الإنساني الدولي".
تتصاعد وتيرة الإحتجاجات الرافضة للوجود السعودي، في المهرة اليمنية، بعد مرور أكثر من عام على تواجدها في المحافظة بحجة مكافحة التهريب الذي يعتبره أبناءها وسيلة لبسط هيمنتها على البوابة الشرقية لليمن.
ومنذُ إرسال الرياض قواتها إلى المحافظة اليمنية الواقع شرق البلاد على الحدود مع سلطنة عمان، أحدثت العديد من المشاكل وسعت لإحداث شرخ مجتمعي كبير من كسب ولاءات القبائل والشخصيات الإجتماعية بالمال والمناصب لتمرر عن طريقهم مشاريعها القديمة الجديدة والذي من أهمها مد أنبوب نفطي عن طريق المحافظة إلى بحر العرب.
ومنذُ حوالي عام ينفذ أهالي المحافظة احتجاجات سلمية ترفض توسع النفوذ السعودي أمنياً وعسكرياً، ويطالبون برحيل قواتها من البلاد واستبدالهم بقوات محلية تتبع دولتهم.
وقد ازدادت حدة الاحتجاجات بعد مقتل اثنين من المتظاهرين وجرح آخرين في منطقة الانفاق قبل ثلاثة أسابيع. ويقول المحتجون إن القوات السعودية أطلقت عليهم الرصاص.
وتزداد المخاوف لدى أبناء المهرة علي الهوية والخصوصية الثقافية للمنطقة مع تنامي الوجود السعودي فيها حيث تقود السعودية تحالفاً عسكرياً يدعم القوات الحكومية اليمنية في مواجهة الحوثيين في محافظات غرب وشمال ووسط اليمن.
وواصلت السعودية تمددها العسكري في المحافظة وأنشأت معسكرات كثيرة وضيقت على حياة الناس البسطاء وانتهكت حقوق الصيد والرعي في المحافظة.
محمية حوف تحت التهديد
ولم تقف في تمددها وعسكرة الحياة العامة للمحافظة عند ذلك فحسب، بل أصبحت ترسل مدرعاتها وأسلحتها الثقيلة وجنودها وميليشياتها نحو محمية "حوف" التي تمتلك أكبر الغابات في شبه الجزيرة العربية.
التمدد السعودي باتجاه المحمية سرع من حدة الغضب الشعبي في المحافظة بشكل ومدير حوف بشكل خاص، حيث أعلن أبناء المحافظة في أواخر ديسمبر الماضي النفير العام لرفض إنشاء أي معسكرات في محميتهم.
وصدر بيان حينها خلال مهرجان نظمته لجنة اعتصام المهرة وعدد من الشخصيات القبلية والإجتماعية، أكد أن محمية حوف لم تكن في يوما من الأيام مكان للمعسكرات والمخلفات خلال السلطات المتعاقبة في البلاد فما بالك أن تأتي دولة يصفوها بالمحتل لتجعل منها ثكنة عسكرية لصالح أهوائها وأحلامها في بسط النفوذ على أجمل المناطق السياحية في اليمن.
وتعتبر محمية حوف من أكبر الغابات في شبه الجزيرة العربية كما تشير بذلك الجغرافيا ، حيث تسودها نباتات استوائية منذ مئات السنين ، وذلك الانتشار الكثيف والواسع لنباتاتها ما هو إلا انعكاس طبيعي لما تتمتع به من مناخ معتدل الحرارة ورطب في بعض الأشهر من السنة ، حيث يلفها الضباب من منتصف يوليو حتى منتصف سبتمبر، وتهطل عليها الأمطار الموسمية بمعدل 300ـ700 ملم، كما يسودها مناخ جاف شديد الحرارة في بقية أشهر السنة.
انتهاك حقوق الصيد
ومنذُ تواجد القوات السعودية في المحافظة ارتكبت انتهاكات واسعة بحق الصيادين وتسببت في التضييق والمنع من مزاولة مهنتهم ومصدر رزقهم الوحيد.
وكان آخرها الهجوم الوحشي الذي شنته قوات سعودية الخميس الماضي، على مخازن الصيادين في منطقة الفيدمي مركز مناطق بلحاف الساحل شرق المحافظة.
وذكرت مصادر محلية حينها أن القوات العسكرية السعودية تحركت حينها من معسكر تم استحداثة في المنطقة ذاتها.
وبين المصادر أن القوة العسكرية السعودية أقدمت على تمزيق شباك الصيادين وممتلكاتهم الخاصة بالاصطياد السمكي واتلافها .
ووفقا للمصدر استنكرت شخصيات قبلية وشعبية في مناطق بلحاف الخطوة التي اعتبروها انتهاكا لحقوق المواطنين.
السعودية تعبث بالمهرة
يقول الإعلامي "أحمد بلحاف" إن نطاق العمل التخريبي للقوات السعودية في المهرة يتسع يوماً بعد آخر، ليشمل اعتداء على السيادة الوطنية وممتلكات المواطنين.
وأضاف "بلحاف" في مقال له وهو أحد أبناء المهرة، أن الإنتهاكات السعودية وصلت إلى الاعتداء على أرواح الأبرياء.
وأشار "بلحاف" إلى أن محافظة المهرة البعيدة عن الحرب والصراعات تعمل السعودية فيها على محاربة كل ماهو قانوني أو لازال محتفظ بشكل الدولة.
وأكد أنه ومنذُ إرسال قواتها العسكرية إلى المحافظة عملت على محاربة المؤسسات الامنية والعسكرية الشرعية التابعة لدولة وإحلال مليشيات من خارج المحافظة بمال وسلاح سعودي.
وتابع: كما شهدت المحافظة عبث كبير بإيراداتها وتم نهبها بتوجيه وحماية سعودية، والتدخل في صلاحيات فروع الوزارات والدوائر العامة وتجاوز القانون اليمني واجراء تعيينات بالضغط على الشرعية ابتداءً بالمحافظ وثم الوكلاء ومدراء عموم مرافق الدولة.
نجل شيخ تدعمة السعودية يقتل جنود الأمن
وتسعى الرياض لإثارة الفتنة والإقتتال بين أفراد القبائل المهرية المتماسكة عن طريق الدعم العسكري والمالي لبعض الشيوخ النافذين وإدخال المجتمع في ثارات تسهل عليها بسط نفوذها وهيمنتها الإستعمارية على ثاني أكبر محافظة يمنية تمتلك ثروة وموقع استراتيجي متميز.
إلا أن تمسك أبناء المحافظة بالخيار السلمية وإقامة المهرجانات والإحتجاجات المتواصلة أصاب المخططات السعودية في مقتل.
وظهرت أول نتائج التفخيخ المجتمعي داخل المحافظة الأربعاء الماضي، حيث أقدم نجل الشيخ المدعوم من السعودية سالم بن الشرف كلشات على قتل اثنين من جنود الأمن وسط مدينة الغيظة، بسبب توقيفه من قبل الجنود بعد تسببه في وقوع حادث سير بحق مواطنين نجمت عنه إصابات.
وعلق البرلماني اليمني السابق في محافظة المهرة، ، علي سالم باكريت، على الجريمة قائلا، ما جرى هذا اليوم؟ بأي لغة نتكلم؟ بأي منطق؟ بأي دين يحدث هذا؟ قتل شابين من ابنائنا اليمنيين وبدم بارد، وقبلهما آخرين في أنفاق فرتك".
وأضاف متسائلا: ما الذي يحدث؟ ماذا تفعل السلطة؟ ما الذي يعنيه وجود التحالف؟ ماذا يعني تدجيج محافظة المهرة بالسلاح والمليشيات وتحزيمها بالمعسكرات؟.
وتابع "باكريت" كل ذلك لا يعني سوى تفجير هذه المحافظة.
الوجود السعودي يهدد الهوية الثقافية
وتزداد المخاوف لدى أبناء المهرة علي الهوية والخصوصية الثقافية للمنطقة مع تنامي الوجود السعودي فيها.
ويصف وكيل محافظة المهرة الأسبق علي الحريزي الوجود السعودي بالاحتلال ويعتبره تهديدا لهويتهم الثقافية.
وقال الحريزي في تصريحات سابقة لتلفزيون "بي بي سي" البريطاني إن أبناء المهرة يدافعون عن سيادتهم و أرضهم.
وأضافت لقد خرجت السعودية عن أهداف التحالف وصارت دولة محتلة، ولذلك نحن نعتبر أن السعودية والجيش السعودي غزاة المهرة."
وتوعد الحريزي باستمرار الاحتجاجات "حتى يتحقق رحيل آخر جندي سعودي".
وتابع: الحريزي: "نحن في المهرة لدينا هوية خاصة ولغة قديمة...الطفل يدخل المدرسة يتعلم العربية و لاينطق باللغة المهرية، لذلك نطالب باقليم مستقل."
وتابع قائلا : "نعم ، هناك تهديد سعودي إماراتي للهوية الثقافية المهرية والسقطرية. وهناك عمل ممنهج في سقطرة وفي المهرة لطمس هذه الثقافة وهذه الهوية. ونحن نناشد العالم وكل منظمات حقوق الانسان في العالم أن تقف مع هذا الشعب المظلوم."
أشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي "يمسح البشر والحجر والشجر امام سمع العالم وبصره دون ان يحرك ساكنا لوقف محرقة غزة".
لم تتزحزح الولايات المتحدة عن موقفها المؤيد للحرب واستمرارها، مع رفض إدانة جرائم الحرب المرتَكبة ضد المدنيين