اليمن نت - زيد اللحجي

بين فترة وأخرى تتعالى أصوات أبناء تعز مطالبة بالإفراج عن أبنائهم الأسرى لدى الحوثيين منذ العام 2019 والذين تم أسرهم في المعركة المشهورة بمعركة آل جبارة في منطقة كتاف بمحافظة صعدة، بعد أن جندتهم السعودية لحماية حدها الجنوبي من تهديدات الحوثيين.

تلك المعركة المشئومة التي خاضها آنذاك لواء الفتح بقيادة رداد الهاشمي بغرض الدفاع عن الحدود السعودية، وبتمويل ودعم سعودي، والتي لم تكن هذه المعركة؛ وفقا لمعايير الحروب؛ سوى مغامرة غير محسوبة، أو ربما مؤامرة مخططة ومدروسة، إما من قبل قائدها الذي لم يؤمن تحركات قواته، أو من الداعم السعودي الذي استهدفت طائراته مقاتلي اللواء، الأمر الذي سهل مهمة الحوثيين فقتلوا كما تم الإعلان حينها (100) مقاتل، وأسروا (1000) مقاتل. ومن يومها  يقبع أولئك الأسرى في سجون الحوثيين دون أن يهتم بهم أحد.

وعلى الرغم من جولات المباحثات العديدة التي تمت بين الشرعية والحوثيين، وعلى الرغم من أعداد الأسرى الكثيرين الذين تم مقايضتهم من الجانبين؛ إلا أن أولئك الأسرى ظلوا بعيدا عن كل القوائم التي تطالب بها الشرعية، وكأنهم لم يقاتلوا في صفوف الشرعية أو التحالف.

وحتى السعودية التي كان أولئك الأسرى يقاتلون دفاعا عن حدودها الجنوبية، لم تطالب بالإفراج عنهم كونهم ليسو سعوديين، فهم في نظرهم مرتزقة يقاتلون بالأجر اليومي وليس غير.

 وكذلك الشرعية، التي طالما طالبت بالإفراج عن جنودها الأسرى لدى الحوثيين إلا أنها لم تطالب قط بأسرى معركة آل جبارة، ولم تضمن أسماءهم ضمن أي قوائم، وأنى لها أن تطالب بالإفراج عنهم، وهم لا يتبعون أي من المكونات السياسية أو العسكرية المسيطرة على قرارها.

فبينما استطاعت قوات الانتقالي المقايضة بأسراها مع الحوثيين، ونجحت قوات مأرب بالإفراج عن مقاتليها الأسرى إما رسميا أو قبليا، وتمكنت قوات حراس الجمهورية والعمالقة بإخراج أسراها من سجون الحوثيين، وكذلك فعلت السعودية، إلا أن أسرى معركة جبارة لازالوا في سجون الحوثيين لا يعلم عنهم أحد، ولم يقايض بهم أحد.

وعلى افتراض أن الشرعية ليس لديها معلومات عن هؤلاء الأسرى تحت مبرر أنهم لم يكونوا ضمن قوام الجيش، فهل يعفيها ذلك من عدم المطالبة بهم، حتى مع مطالبات أهاليهم المستمرة في تعز، وخروجهم في اعتصامات شبه يومية للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم؟ أليست هي حكومة الشعب، وعليها تقع مسئولية حماية أبنائه؟

وإذا ما افترضنا أن الشرعية لا تهتم بأبناء الشعب ولا تلتفت لمآسيهم؛ وهي فعلا الحقيقة، وإذا افترضنا أن الحوثيين لم ينشروا وثائق بأسماء أولئك الأسرى بالمخالفة للمادة (77) من اتفاقية جنيف بشأن معاملة أسرى الحرب التي تنص على: (تقدم الدول الحاجزة جميع التسهيلات لنقل المستندات أو الأوراق أو الوثائق الموجهة إلى أسرى الحرب أو المرسلة منهم وعلي الأخص رسائل التوكيل أو الوصايا، وذلك عن طريق الدولة الحامية). إذا كانت الشرعية تخلت عن أبنائها، والحوثيون تعمدوا عدم نشر معلومات عن أولئك الأسرى لإذلالهم ةتعذيبهم، فأين هي الأمم المتحدة والصليب الأحمر والمنظمات الدولية الراعون لحقوص الإنسان، والمهتمون بتطبيق اتفاقيةجنيف لمعاملة أسرى الحرب؟ لماذا لا يعمل كل أولئك على الحصول على المعلومات التي تهم أسرى الحرب ونقلها إلى الدولة التي يتبعونها، وفقا للمادة (123) من ذات الاتفاقية؟ خاصة وهم يسمعون بكاء وأنات وتنهدات أمهات وأبناء وأسر الأسرى ترتفع من أعماق أعماقهم كل يوم؟

في تقديري الجميع مسئول عن عدم إطلاق أسرى معركة آل جبارة، السعودية والشرعية والحوثيون والأمم المتحدة والصليب الأحمر، بل وجميعهم متواطئون تجاه أولئك الأسرى.

ولكن إن تخلى عنهم الجميع فإن أمهاتهم وأبناؤهم وذويهم لم ولن يتخلوا عنهم، وستبقى أنات قلوبهم على فقدهم صواعق تحرق جميع من تسبب في تجنيدهم أو عمل على إخفائهم، أو تخلى عن المطالبة بهم، وبين هؤلاء وأولئك تبقى عدالة السماء هي من ترعاهم في سجونهم، وتنتقم لهم من كل من ظلمهم.